(٢) انظر: "إيضاح الدلالات في سماع الآلات" (ص ٧٩) (٣) ذكره ابن حجر في "الإصابة" (٣/ ٣٩٣) وابن عبد البر في "الاستيعاب" (٢/ ٣٠٠). (٤) ذكره ابن حجر في "الإصابة" (٣/ ٣٩٣) وابن عبد البر في "الاستيعاب" (٢/ ٣٠٠) (٥) انظر: كتاب "السماع" لابن طاهر (ص ٤٤ - ٤٥) (٦) في "الحاوي" (٢١/ ٢٠٤). (٧) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٩٤٩) وأطرافه (٩٥٢، ٩٨٧، ٣٩٠٧، ٣٥٣٠، ٣٩٣١) عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعندي جاريتان تغنيان بغناء يعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فأقبل عليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "دعهما" فلما غفل غمزتهما فخرجتا. وفي رواية دخل علي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعندي جاريتان (من جواري الأنصار) وفي رواية (قينتان) (في أيام منى، تدففان وتضربان) تغنيان بغناء. وفي رواية: بما تقاولت وفي أخرى (تقاذفت) الأنصار يوم بعاث وليستا بمغنيتين) فاضطجع على الفراش وحول وجهه، ودخل أبو بكر [والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متغش بثوبه] فانتهرني. وفي رواية: فانتهرهما، وقال: مزمارة، وفي رواية مزمار الشيطان عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفي رواية أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [مرتين]؟!. فأقبل عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي رواية: فكشف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجهه فقال: "دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدًا وهذا عيدنا" فلما غفل غمزتهما فخرجتا. قال ابن حجر في "الفتح" (٢/ ٤٤٢): ١ - ): قوله: فانتهرهما: أي الجاريتين ويجمع بأنه شرك بينهن في الانتهار والزجر، أما عائشة فلتقريرها، وأما الجاريتان فلفعلهما. ٢ - ): قوله: مزمارة الشيطان بكسر الميم يعني الغناء أو الدف لأن المزمارة أو المزمار مشتق من الزمير وهو الصوت الذي له الصفير، ويطلق على الصوت الحسن وعلى الغناء. وسميت به الآلة المعروفة التي يزمر بها. وإضافتها إلى الشيطان من جهة أنها تلهي، فقد تشغل القلب عن الذكر. ٣ - ): قوله دعهما: إيضاح خلاف ما ظنه الصديق من أنهما فعلتا ذلك بغير علمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكونه دخل فوجده معطى بثوبه فظنه نائمًا فتوجه له الإنكار على ابنته من هذه الأوجه مستصحبًا لما تقرر عنده من منع الغناء واللهو. فبادر إلى إنكار ذلك قيامًا عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك مستندًا إلى ما ظهر له فأوضح له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعرفه الحكم مقرونًا ببيان الحكمة بأنه يوم عيد. أي يوم سرور شرعي. فلا ينكر فيه مثل هذا كما لا ينكر في الأعراس. وبهذا يرتفع الإشكال عمن قال: كيف ساغ للصديق إنكار شيء أمره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتكلف جوابًا لا يخفى تعسفه. ٤ - ): استدل جماعة من الصوفية بحديث الباب - رقم (٩٤٩) - على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة. ويكفي في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث رقم (٩٥٢) بقولها: "وليستا بمغنيتين" فنفت عنهما من طريق المعنى ما أثبته لهما باللفظ، لأن الغناء يطلق على رفع الصوت وعلى الترنم الذي تسميه العرب النصب بفتح النون وسكون المهملة وعل الحداء. ولا يسمى فاعله مغنيًا وإنما يسمى بذلك من ينشد بتمطيط وتكسير وتهييج وتشويق بما فيه تعريض بالفواحش أو تصريح. قال القرطبي في "المفهم" (٢/ ٥٣٤): قولها: وليستا بمغنيتين أي: ليستا ممن يعرف الغناء كما تعرفه المغنيات المعروفات بذلك. وهذا منها تحرز من الغناء المعتاد عند المشتهرين به، الذي يحرك النفوس، ويبعثها على الهوى والغزل والمجون، الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن، وهذا النوع إذا كان في شعر يشبب فيه بذكر النساء، ووصف محاسنهن وذكر الخمور، والمحرمات. لا يختلف في تحريمه، لأنه اللهو واللعب المذموم بالاتفاق. فأما ما يسلم من تلك المحرمات فيجوز القليل منه وفي أوقات الفرح: كالعرس، والعيد، وعند التنشيط على الأعمال الشاقة، ثم قال: وأما ما أبدعه الصوفية اليوم من الإدمان على سماع المغاني بالآلات المطربة، فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه، لكن النفوس الشهوانية والأغراض الشيطانية على كثير ممن ينسب إلى الخير وشهر بذكره حتى عموا عن تحريم ذلك وعن فحشه، حتى قد ظهرت من كثير منهم عورات المجان والمحانيث والصبيان فيرقصون ويزفنون بحركات مطابقة، وتقطيعات متلاحقة كما يفعل أهل السفه والمجون. وقد انتهى التواقح بأقوام منهم إلى أن يقولوا: إن تلك الأمور من أبواب القرب وصالحات الأعمال وأن ذلك يثمر صفاء الأوقات وسيئات الأحوال، وهذا على التحقيق من آثار الزندقة وقول أهل البطالة والمخرقة. قال الحافظ في "الفتح" (٢/ ٤٤٣) ولا يلزم من إباحة الضرب بالدف في العرس ونحو إباحة غيره من الآلات كالعود ونحوه. قال القرطبي في "المفهم" (٢/ ٥٣٥): فأما الغناء بآلة فيمنع وبغير آلة اختلف الناس فيه: فمنعه أبو حنيفة وكرهه الشافعي ومالك وحكى أصحاب الشافعي عن مالك: أن مذهبه الإجازة من غير كراهة. قال القاضي: المعروف من مذهب مالك المنع لا الإجازة. قال ابن القيم في "إغاثة اللهفان" (١/ ٢٥٧): "فلم ينكر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أبي بكر تسميته الغناء (مزمار الشيطان)، وأقرهما لأنهما جاريتان غير مكلفتين، تغنيان بغناء الأعراب الذي قيل في يوم حرب بعاث من الشجاعة والحرب وكان اليوم يوم عيد". قال أبو الطيب الطبري كما ذكره ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص ٢٢٣ - ٢٢٤): "هذا الحديث حجتنا لأن أبا بكر سمى ذلك مزمور الشيطان، ولم ينكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أبي بكر قوله وإنما منعه من التغليظ في الإنكار لحسن رفعته لا سيما في يوم العيد. وقد كانت عائشة رضي الله عنها صغيرة في ذلك الوقت ولم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء وقد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه وقد أخذ العلم عنها"