للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الفصل السابع عشر منه ما لفظه: "الحق والحق أقول لكم: إنه من يؤمن بحياة دائمة" انتهى.

إذا عرفت هذا المصرح به في الأناجيل، فهكذا صرح الحواريون من أصحاب المسيح في رسائلهم المعروفة (١).

والحاصل أن هذا أمر اتفقت عليه الشرائع، ونطقت به كتب الله -عز وجل-، سابقها، ولاحقها، وتطابقت عليه الرسل: أولهم وآخرهم، ولم يخالف فيه أحد منهم [٧]، وهكذا اتفق على ذلك أتباع جميع الأنبياء من أهل الملل، ولم يسمع عن أحد منهم، أنه أنكر ذلك قط. ولكنه ظهر رجل من اليهود زنديق، يقال له موسى بن ميمون اليهودي (٢) الأندلسي، فوقع منه كلام، في إنكار المعاد. واختلف كلامه في ذلك، فتارة يثبته، وتارة ينفيه، ثم هذا الزنديق، لم ينكر مطلق المعاد، إنما أنكر بعد تسليمه للمعاد أن يكون فيه لذات حسية جسمانية، بل لذات عقلية روحانية، ثم تلقى ذلك عنه من هو شبيه به من أهل الإسلام كابن سينا، فقلده ونقل عنه ما يفيد أنه لم يأت في الشرائع السابقة على الشريعة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


(١) انظر: "رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس" الإصحاح الخامس عشر العهد الجديد.
(٢) موسى بن ميمون بن يوسف بن إسحاق، أبو عمران القرطبي: طبيب فيلسوف يهودي. ولد وتعلم في قرطبة -٥٢٩ هـ- ٦٠١ هـ= ١١٣٥ - ١٢٠٤ م، وتنقل مع أبيه في مدن الأندلس وتظاهر بالإسلام وقيل: أكره عليه فحفظ القرآن وتفقه المالكية فدخل مصر فعاد إلى يهوديته وأقام في القاهرة عاما كان فيها رئيسا روحيا لليهود كما كان طبيبا في تلك المدة قي البلاط الأيوبي. ومات بها ودفن في طبريا (بفلسطين).
له تصانيف كثيرة بالعربية والعبرية منها: دلالة الحائرين ثلاثة أجزاء بالعربية والحروف العبرية وهو كتاب فلسفته، قال ابن العبري: سماه الدلالة وبعضهم يستجيده وبعضهم يذمه ويسميه الضلالة. وله الفصول-فصول القرطبي.
انظر: "الأعلام" للزركلي (٧/ ٣٢٩ - ٣٣٠).