وقال الحافظ في "الفتح" (٧/ ٣٧٠): قال ابن عبد البر: كانت المؤاخاة مرتين: مرة بين المهاجرين خاصة وذلك بمكة. - وقد أنكر ابن تيمية في رده على الرافضي في "منهاج السنة" (٧/ ١١٧،٣٦١) المؤاخاة بين المهاجرين وخصوصا مؤاخاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلي قال: لأن المؤاخاة شرعت لإرفاق بعضهم بعضا، ولتأليف قلوب بعضهم على بعض فلا معنى لمؤاخاة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأحد منهم ولا لمؤاخاة مهاجري لمهاجري، وهذا رد للنص بالقياس وإغفال عن حكمة المؤاخاة لأن بعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة والقوى فآخى بين الأعلى ليرتفق الأدنى بالأعلى ويستعين الأعلى بالأدنى ولهذا تظهر مؤاخاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلي لأنه هو الذي كان يقوم به من عهد الصبا من قبل البعثة واستمر، وكذلك مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة لأن زيدا مولاهم فقد ثبت أخوتهما وهما من المهاجرين. ومرة بين المهاجرين والأنصار. ثم نقل الحافظ في " الفتح" (٧/ ٣٧٠) عن ابن سعد بأسانيد الواقدي إلى جماعة من التابعين قالوا: لما قدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة آخى بين المهاجرين والأنصار على المواساة وكانوا يتوارثون، وكانوا تسعين نفسا بعضهم من المهاجرين وبعضهم من الأنصار، وقيل كانوا مائة فلما نزل: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ} بطلت المواريث بينهم بتلك المؤاخاة. قال السهيلي: آخى بين أصحابه ليذهب عنهم وحشة الغربة ويتأنسوا من مفارقة الأهل والعشيرة ويشد بعضهم أزر بعض، فلما عز الإسلام واجتمع الشمل وذهبت الوحشة أبطل المواريث وجعل المؤمنين كلهم إخوة وأنزل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} يعني في التواد وشمول الدعوة، واختلفوا في ابتدائها فقيل بعد الهجرة بخمسة أشهر، وقيل بتسعة، وقيل وهي يبني المسجد وقيل قبل بنائه، وقيل بسنة وثلاثة أشهر قبل بدر. "فتح الباري" (٧/ ٢٧٠ - ٢٧١).