(٢) أخرجه الترمذي في "السنن" رقم (٢٣٩٠) من حديث معاذ بن جبل قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء". وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح: وهو حديث صحيح. انظر الرسالة الآتية رقم (١٧٥). (٣) قال ابن الأثير في "النهاية" (١/ ٤٢٤ - ٤٢٥) أصل الحلف: المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا حلف في الإسلام" أخرجه البخاري رقم (٦٠٨٣) من حديث أنس بن مالك. وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الرحم كحلف المطيبين وما جرى مجراه، فذلك الذي قال فيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" - أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٢٠٦/ ٢٥٣٠) من حديث جبير بن مطعم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" - يريد من المعاقدة على الخير ونصرة الحق وبذلك يجتمع الحديثان وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام. والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام. وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا حلف في الإسلام" قاله زمن الفتح فكان ناسخا، وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر رضي الله عنه من المطيبين، وكان عمر رضي الله عنه من الأحلاف والأحلاف ست قبائل: عبد الدار وجمح ومخزوم وعدي وكعب وسهم سموا بذلك لأنهم لما أرادت بنو عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجامة والرفادة واللواء والسقاية، وأبت عبد الدار، عقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا، فأخرجت بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا فوضعتها لأحلافهم وهم أسد، وزهرة، وتيم، في المسجد عند الكعبة، ثم غمس القوم أيديهم فيها وتعاقدوا، وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤها حلفا آخر مؤكدا فسموا الأحلاف لذلك. وقد أخرج أحمد في "المسند" (١/ ١٩٠، ١٩٣) وأبو يعلى في مسنده رقم (٨٤٦) وابن حبان في صحيحه رقم (٤٣٧٣) والحاكم (٢/ ٢١٩ - ٢٢٠) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٣٦٦) وفي "الدلائل" (٢/ ٣٧ - ٣٨) والبخاري في "الأدب المفرد" رقم (٥٦٧) عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شهدت غلاما مع عمومتي حلف المطيبين، فما أحب أن لي حمر النعم، وإني أنكثه". وهو حديث صحيح. قال القرطبي في "المفهم" (٦/ ٤٨٢ - ٤٨٣): قوله: "لا حلف في الإسلام" أي: لا يتحالف أهل الإسلام كما كان أهل الجاهلية يتحالفون، وذلك أن المتحالفين: كانا يتناصران في كل شيء، فيمنع الرجل حليفه، وإن كان ظالما، ويقوم دونه، ويدفع عنه بكل ممكن، فيمنع الحقوق، وينتصر به على الظلم والبغي، والفساد، ولما جاء الشرع بالانتصاف بالحدود، وبين الأحكام أبطل ما كانت الجاهلية عليه ممن ذلك، وبقي التعاقد والتحالف على نصرة الحق، والقيام به، وأوجب ذلك بأصل الشريعة إيجابا عاما على من قدر عليه من المكلفين.