(٢) كأبي داود رقم (٤٧٠٨) والترمذي رقم (٢١٣٧) وابن ماجه رقم (٧٦) وأحمد (١/ ٣٨٢، ٤١٤) وابن حبان في صحيحه رقم (٦١٧٤) والبغوي في "شرح السنة" (١ \ رقم ٧١) والحميدي في مسنده (١/ ٦٩) والنسائي في "التفسير" (١/ ٥٩٣ رقم ٢٦٦). قال الحافظ في "الفتح" (١١/ ٤٨٩): وفيه أن تقدير الأعمال ما هو سابق ولاحق، فالسابق ما في علم الله تعالى، واللاحق ما يقدر على الجنين في بطن أمه كما وقع في الحديث وهذا هو الذي يقبل النسخ. وقال الحافظ في "الفتح" (١١/ ٤٨٨): وفيه أن السعيد قد يشقى وأن الشقي قد يسعد لكن بالنسبة إلى الأعمال الظاهرة، وأما ما في علم الله تعالى فلا يتغير، وفيه الاعتبار بالخاتمة، قال ابن حمزة نفع الله به: هذه التي قطعت أعناق الرجال مع ما هم فيه من حسن الحال لأنهم لا يدرون بماذا يختم لهم. وفيه أن عموم مثل قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ} الآية مخصوص بمن مات على ذلك وأن من عمل عمل السعادة وختم له بالشقاء فهو في طول عمره عند الله شقي وبالعكس وما ورد يخالفه يؤول إلى أن يؤول إلى هذا. وقد اشتهر الخلاف بين الأشعرية والحنفية وتمسك الأشاعرة بمثل هذا الحديث، وتمسك الحنفية بمثل قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} وأكثر كل من الفريقين الاحتجاج لقوله. والحق أن النزاع لفظي، وأن الذي سبق في علم الله لا يتغير ولا يتبدل، وأن الذي يجوز عليه التغيير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامل ولا يبعد أن يتعلق ذلك بما في علم الحفظة والموكلين بالآدمي فيقع فيه المحو والإثبات كالزيادة في العمر والنقص وأما ما في علم الله فلا محو فيه ولا إثبات والعلم عند الله. وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (١٤/ ٤٩٢): قال العلماء: إن المحو والإثبات في صحف الملائكة وأما علم الله سبحانه فلا يختلف ولا يبدو له ما لم يكن عالما به، فلا محو فيه ولا إثبات. (٣) منها: ما أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٢٦٦٣) وأحمد (١/ ٣٩٠، ٤١٣، ٤٣٣، ٤٤٥، ٤٦٦) من حديث أم حبيبة عندما قالت: اللهم متعني بأبي، أبي سفيان، وبأخي معاوية وبزوجي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لقد سألت في آجال مضروبة، وأرزاق مقسومة، لا يؤخر منها شيء". قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (١٨/ ٢١٣): وهذا الحديث صريح في أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تتغير عما قدره الله تعالى وعلمه في الأزل فيستحيل زيادتها ونقصها حقيقة عن ذلك، وأما ما ورد في حديث صلة الرحم تزيد في العمر ونظائره - "من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه" - وقد أجاب العلماء على ذلك بأجوبة منها: ١ - ): الصحيح: أن هذه الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة وصيانتها عن الضياع في غير ذلك. ٢ - ): أنه بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة وفي اللوح المحفوظ ونحو ذلك فيظهر لهم في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه فإن وصلها زيد أربعون وقد علم الله سبحانه وتعالى ما سيقع له من ذلك وهو من معنى قوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} فيه النسبة إلى علم الله وما سبق به قدرة ولا زيادة بل هي مستحيلة وبالنسبة إلى ما ظهر للمخلوقين تتصور الزيادة وهو مراد الحديث. ٣ - ): أن المراد بقاء ذكره الجميل يعده فكأنه لم يمت حكاه القاضي وهو ضعيف. "شرح صحيح مسلم" للنووي (١٨/ ٢١١٤). ومنها: ما أخرجه أبو داود رقم (٤٧٠٠) والترمذي رقم (٢١٥٥) والطيالسي في مسنده (ص٧٩ رقم ٥٧٧) وأحمد (٥/ ٣١٧) والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٠٤) من حديث عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب. قال: يا رب. ما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة". وهو حديث صحيح.