للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجواب الأول. وقيل: يغفر الله ما يشاء من ذنوب عباده، ويترك ما يشاء فلا يغفره. ويجاب عنه بمثل الجواب السابق.

وقيل (١) يمحو ما يشاء من القرون كقوله: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} (٢) وكقوله تعالى: {ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ} (٣) فيمحو قرنا ويثبت قرنا، ويجاب عنه أيضًا بمثل ما تقدم. وقيل (٤) هو الذي يعمل بطاعة الله، ثم يعمل بمعصيته الله ثم يتوب فيمحوه الله من ديوان السيئات، ويثبته في ديوان الحسنات.

وقيل (٥) يمحو ما يشاء يعني الدنيا، ويثبت الآخرة. وقيل غير ذلك (٦).

وكل هذه الأجوبة [١أ] دعاوى مجردة. ولا شك أن آية المحو والإثبات عامة لكل ما يشاؤه الله - سبحانه -، فلا يجوز تخصيصها إلا بمخصص، وإلا كان ذلك من التقول على الله - عز وجل - بما لم يقل (٧).

وقد توعد الله - سبحانه - على ذلك، وقرنه بالشرك فقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٨).


(١) عزاه القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (٩/ ٢٣٢) لعلي بن أبي طالب.
(٢) [يس:٣١].
(٣) قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن " (٩/ ٣٣٢) ذكره الثعلبي والماوردي عن ابن عباس.
(٤) قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن " (٩/ ٣٣٢) ذكره الثعلبي والماوردي عن ابن عباس.
(٥) ذكره القرطبي في تفسيره ولم يعزه لأحد (٩/ ٣٣٢).
(٦) (منها): قال الربيع بن أنس. هذا في الأرواح حالة النوم، يقبضها عند النوم، ثم إذا أراد موته فجأة أمسكه، ومن أراد بقاءه أثبته ورده إلى صاحبه بيانه قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}. منها: قول الحسن: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ} من أجله {وَيُثْبِتُ} من لم يأت أجله.
(٧) قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (٩/ ٣٢٩) مثل هذا لا يدرك بالرأي والاجتهاد، وإنما يؤخذ توقيفا، فإن صح فالقول به يجب ويوقف عنده وإلا فتكون الآية عامة في جميع الأشياء، وهو الأظهر والله أعلم. وهذا يروي معناه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وابن مسعود وأبي وائل وكعب الأحبار وغيرهم وهو قول الكلبي ...
(٨) [الأعراف:٣٣].