للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

} وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً {(١) , ما قلنا هذا، ولا نعتقده، ولا جاءت يه شريعة موسى؟!.

وهكذا عند سماعهم لقوله تعالى:} وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى {(٢). وقد كان أمر المعاد مشتهرا في أهل الكتاب، وكانوا يتحدثون به، واستمر ذلك فيهم استمرارا ظاهرا، وعلم به غيرهم من أهل الأوثان لما كانوا يسمعون منهم. ومن ذلك ما أخرجه ابن إسحاق (٣) قال: حدثنا صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمود بن لبيد (٤)، عن سلمة بن سلامة بن وقش قال: كان بين أبياتنا يهودي، فخرج على نادي قومه (٥) بني عبد الأشهل ذات غداة، فذكر البعث والقيامة، والجنة والنار [١٣]، والحساب والميزان، فقال ذلك لأصحاب وثن لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت. وذلك قبل مبعث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالوا: ويحك يا فلان، أو ويلك، وهذا كائن أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار، يجزون من أعمالهم؟!. قال: نعم، والذي يحلف، به لوددت أن حظي من تلك النار أن توقدوا أعظم تنور في داركم، فتحمونه، ثم تقذفوني فيه، ثم تطينون علي، وأني أنجو من تلك النار غدا. فقيل: يا فلان، فما علامة ذلك؟ فقال: نبي يبعث من ناحية هذه البلاد، وأشار إلى مكة واليمن بيده، قالوا: فمن نراه؟ فرمى بطرفه فرآني وأنا مضطجع بفناء باب أهلي، وأنا أحدث القوم، فقال: إن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه. . . إلى آخر الحديث (٦).


(١) [البقرة: ٨٠].
(٢) [البقرة: ١١١].
(٣) في السيرة النبوية (١/ ٢٧٠ - ٢٧٢).
(٤) في السيرة زيادة [أخي بني عبد الأشهل].
(٥) عبارة الشوكاني تشعر بأن هذا اليهودي من بني عبد الأشهل نسبا وصوابه كما في السيرة (١/ ٢٧١): "فخرج علينا من بيته، حتى وقف على بني عبد الأشهل، قال سلمة: وأنا يومئذ من أحدث من فيه سنا. . . ".
(٦) أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ٤٦٧) والبخاري في التاريخ الكبير (٢/ ٢\ ٦٨) وأبو نعيم دلائل النبوة (١/ ٧٤ - ٧٥) والبيهقي في الدلائل أيضًا (٢/ ٧٨ - ٧٩) والطبراني في الكبير (٧/ ٤١ - ٤٢) رقم ٦٣٢٧) والحاكم (٣/ ٤١٧ - ٤١٨) وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عنه الذهبي.
وأورده الهيثمي في المجمع (٨/ ٢٣٠) وقال: رجاله رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع.
والخلاصة أن الحديث صحيح. والله أعلم.