للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكره لكم. فأنزل الله -عز وجل-:} فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ {(١).

وروى ابن إسحاق (٢) نحو هذه القصة التي هي سبب نزول هذه الآية من طرق، ومنها: أنه قال: حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمود بن لبيد، حدثنا يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة الأنصاري قال: حدثني من شئت من رجال قومي عن حسان بن ثابت الأنصاري قال: "والله إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثماني سنين أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديا يقول على أطم (٣) يثرب، فصرخ: يا معشر اليهود، فلما اجتمعوا عليه، قالوا: ما لك وتلك؟ قال: طلع نجم أحمد الذي يبعث الليلة ".

ومن ذلك، ما كان من خروج زيد بن عمرو بن نفيل، وسؤاله لأهل الكتاب، وإخبارهم عن أن نبينا يبعث في العرب، فرجع، وأدرك النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل أن يبعث، ومات قبل البعثة. وهذا الحديث في البخاري (٤) وغيره.

وأخرج البيهقي (٥) بإسناد صحيح من حديث أنس بن مالك أن غلاما يهوديا كان يخدم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فمرض، فأتاه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعوده، فوجد أباه عند رأسه يقرأ التوراة. فقال له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يا يهودي! أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، هل تجد في التوراة صفتي؟ ومخرجي؟ قال: لا. قال الفتى: بلى والله يا رسول


(١) [البقرة: ٨٩].
(٢) كما في "السيرة" لابن هشام (١/ ١٦٨).
(٣) الأطم: القصر، وكل حصن مبني بالحجارة، وكل بيت مربع مسطح. وجمعه آطام، وأطوم. "القاموس المحيط" ص ١٣٩٠.
(٤) في صحيحه رقم (٣٨٢٧).
(٥) في "دلائل النبوة" (٦/ ٢٧٢) وأطرافه [٥١، ٢٦٨١، ٢٨٠٤، ٢٩٤١، ٢٩٧٨، ٣١٧٤، ٤٥٥٣، ٥٩٨٠، ٦٢٦٠، ٧١٩٦، ٧٥٤١].