للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثبت في الصحيح (١) أن ورقة بن نوفل الذي دار في طلب الدين، وسأل طوائف أهل الكتاب، لما أخبره رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما رأى من نزول جبريل عليه في غار حراء، وما قال له، فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى، ليتني كنت جذعا أدرك إذ يخرجك قومك، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أومخرجي هم؟! " فقال ورقة: لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي.

ومن هذا ما رواه ابن إسحاق (٢)، قال: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخ من بني قريظة قال: "هل تدري عما كان إسلام أسيد وثعلبة ابني سعية، وأسد بن عبيد نفر من هذيل لم يكونوا من بني قريظة، ولا النضير. كانوا فوق ذلك. فقلت: لا. قال: فإنه قدم علينا رجل من الشام من يهود يقال له: ابن الهيبان، فأقام عندنا، والله ما رأينا رجلا قط لا يصلي الخمس خيرا منه، فقدم علينا قبل مبعث النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بسنين، وكنا إذا قحطنا، أو قل علينا المطر نقول: يا ابن الهيبان، اخرج فاستق لنا، فيقول: لا والله حتى تقدموا أمام مخرجكم صدقة، فنقول: كم؟ فيقول: صاع من تمر، أو مدين من شعير، فنخرجه. ثم يخرج إلى ظاهر حرتنا ونحن معه فيستقي، فوالله ما نقوم من مجلسه حتى تمر السحاب.

وقد فعل ذلك غير مرة، ولا مرتين، ولا ثلاثة، فحضرته الوفاة، فاجتمعنا إليه فقال: يا معشر يهود ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع؟ قالوا: أنت أعلم. قال: فإنه إنما أخرجني أتوقع خروج نبي قد أظل زمانه. هذه البلاد مهاجره فاتبعوه، ولا تُسبقن إليه إذا خرج، يا معشر يهود، فإنه يبعث


(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٣) ومسلم في صحيحه رقم (١٦٠) من حديث عائشة.
(٢) كما في "السيرة النبوية" (٣/ ٢٧٢ - ٢٧٣).
قلت: وأخرجه أبو نعيم في "الدلائل" (١/ ٢٣ - ٢٤) والبيهقى في "الدلائل" (٢/ ٨٠ - ٨١) بسند منقطع لجهالة الشيخ من بني قريظة. وهو حديث ضعيف.