للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأيهم وهو بالغوطة. . . فذكر الحديث. وأنه انطلق بهم إلى الملك، وأنهم وجدوا عنده شبه الربعة العظيمة مذهبة، وإذا فيها أبواب صغار ففتح بابا، فاستخرج منه حريرة، وفيها صورة نوح، ثم إبراهيم، ثم أراهم حريرة فيها صورة محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال: هذا آخر الأبواب، ولكني عجلته لأنظر ما عندكم.

وأمثال هذا كثيرة جدا يطول المقام ببسط بعضها، فضلا عن كلها، وفي القرآن الكريم من دلائل إثبات النبوات على العموم، وإثبات نبوة نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الخصوص ما لا يخفى على من يعرف القرآن، ويفهم كلام العرب، فإنه مصرح بثبوت نبوة جميع الأنبياء من لدن آدم إلى محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفيه ذكر كل واحد منهم بصفته، وإلى من أُرسل، وفي أي زمان كان، مع تقديم المتقدم، وتأخير المتأخر، وذكر ما وقع لكل واحد منهم من إجابة قومه له، وامتناعهم عليه، وردهم لما جاء به، وما وقع بينه وبينهم من المقاولة والمحاولة والمقاتلة.

ومن نظر في التوراة وما اشتملت عليه من حكاية حال الأنبياء من لدن آدم إلى موسى، وجد القرآن موافقا لما فيها غير مخالف لها.

وهكذا ما اشتملت عليه التوراة، مما اتفق لموسى وبني إسرائيل في مصر مع فرعون، وما كان من تلك الحوادث من الآيات البينات التي جاء بها، ومن تلك العقوبات التي عوقب بها فرعون وقومه، ثم ما كان من بني إسرائيل مع موسى من بعد خروجهم من مصر إلى عند موت موسى، مع طول تلك المدة، وكثرة تلك الحوادث.

فإن القرآن حكى ذلك كما هو، وذكره بصفته من غير مخالفة، ثم ما كان من الأنبياء الذين جاءوا بعد موسى إلى عند قيام المسيح. فإن القرآن الكريم حكى قصصهم، وما جرى لهم، وما قالوه لقومهم، وما قاله قومهم لهم، وما وقع بينهم من الحوادث، وكان ما حكاه القرآن موافقا لما في كتب نبوة أولئك الأنبياء من غير مخالفة.

ثم هكذا ما حكاه القرآن عن نبوة المسيح، وما جرى له وأحواله، وحوادثه، فإنه موافق لما اشتمل عليه الإنجيل من غير مخالفة.