للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجعلها فيمن يشاء من عباده. وليست مما يكسبه العبد من العلوم. ولسنا بصدد تعداد ما يخلقه الله في عباده من الاستعداد والفهم. بل بصدد ما يصير به العالم مجتهدا من العلوم المدونة فما معنى قول المعترض أنه ذهل العلامة [١٣] عن خصلة أخرى هي أحرى؟ ثم إن ما ذكرناه من قولنا: ولهذا كانت هذه العلوم هي المقدمة في العلوم الاجتهادية تصريح واضح بأن تلك العلوم التي ذكرناها هي المقدمة في علوم الاجتهاد (١). لا أنها جميع علوم الاجتهاد. ولو كان في كلامنا يفيد أنها جميع علوم الاجتهاد لكان الاستدراك بعلمي الكتاب والسنة واردا ورودا صحيحا. لا ما ليس من العلم في شيء. بل هو أمر خلقي يضعه الله فيمن يشاء من عباده. ويقذفه في قلبه. فما معنى هذا الاستدراك الذي جاء به المعترض في هذا الموضوع؟.

قوله: لا بطريق المغالطة التي ارتكبها. بل بوجه الإنصاف.

أقول: قد فوضت المعترض - عافاه الله - بأن يعرض هذا البحث على من يوثق بعلمه وتحقيقه. ممن بقي من أهل العلم في تلك المدينة. لينظروا فيما حررته أولا. وفيما حرره من الاعتراض. وفيما حررته في هذه الورقات. حتى يعلموه من هو الذي ارتكب في بحثه الغلاط والغلط. وجاء في تأويله للأدلة بأعظم الشطط. فالمسلم أخو المسلم. والمؤمن مرآه أخيه. ونحن أعوان على الحق. .

قوله: هذا موضوع اقشعرار جلود العارفين. فإنه جرأة عظيمة.

أقول: هذا ليس موضوع الاقشعرار. فإنه لم ينهدم ركن من أركان الإسلام، ولا هتكت حرمة من محارمه. ولا تعدي حد من حدود الله. بل قال قائل لمن يخاطبه أو يكاتبه: يا سيدي وسيدنا. وهذا لفظ عربي ورد الإذن به عن الشارع، وجرى على لسانه بقوله: "سيد أهل الوبر". "سيد الشعراء". "سيد الأوس". "سيد الخزرج". "إن ابني هذا سيد". "أنا سيد ولد آدم". وقد عرفناك ما في الفرق بين


(١) تقدم ذكر علوم الاجتهاد.