للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستنشد متمم بن نويرة مراثيه في أخيه (١)، ويقربه لأجل ذلك، وهو فضيلة لا رذيلة؛ لأن أول من قاله أبونا آدم يوم رثى ولده قابيل (٢) ويبالغ عليه أشراف ولده وملوكهم من


(١) أن عمر بن الخطاب استنشد متمم بن نويرة قوله في أخيه فأنشده:
لعمري وما دهري بتأبين مالك ... ولا جزع مما أصاب فأوجعا
لقد كفن المنهال تحت ثيابه ... فتى غير مبطان العشيات أروعا
حتى بلغ إلى قوله:
وكنا كندماني جديمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
فقال عمر: هذا والله التأبين. . . .
"الشعر والشعراء" لابن قتيبة (١/ ٣٤٥)، "الإصابة" (٥/ ٥٦٦ - ٥٦٧)
(٢) أخرج ابن جرير الطبري في تفسيره (٤\ج٦/ ١٩٠) وابن كثير في تفسيره (٣/ ٩١) قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لما قتل ابن آدم أخاه بكى آدم فقال:
تغيرت البلاد ومن عليها ... فلون الأرض مغبر قبيح
تغيرت البلاد ومن عليها ... وقل بشاشة الوجه المليح
فأجيب آدم عليه السلام:
أبا هابيل قد قتلا جميعا ... وصار الحي كالميت الذبيح
وجاء بشرة قد كان منها ... على خوف فجاء بها يصيح
*وقد طعن في نسبة هذه الأشعار إلى نبي الله آدم الإمام الذهبي في ميزان الاعتدال، وقال الآفة فيه من المحزمي وشيخه، وما الشعر الذي ذكروه إلا منحول مختلق، والأنبياء لا يقولون الشعر.
وقال الزمخشري: " روي أن آدم مكث بعد قتل ابنه مائة سنة لا يضحك وأنه رثاه بشعر، وهو كذب بحت، وما الشعر إلا منحول ملحون، وقد صح أن الأنبياء معصومون من الشعر.
قال تعالى (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآَنٌ مُبِينٌ).
انظر: "الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير" (ص١٨٣).