للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مما نقله ابن أبي أصيبعة (١) في كتابه المعروف " بعيون الأنباء في تراجم الأطباء " (٢) من الحكم المروية عن الحكيم إسقلنيوس (٣) وهو أول الحكماء اليونانيين، قوله: من عرف الأيام لم يغفل الاستعداد. كم من أمر أبغضت أوائله، وبكي عند أواخره عليه، المتعبد بغير معرفة كحمار الطاحون يدور ولا يبرح، ولا يدري ما هو فاعل، فوت الحاجة خير من طلبها إلى غير أهلها.

وقال في وصف الدنيا: أمس آجل، واليوم عمل، وغداً أمل.

ومما نقله في ترجمة أبقراط (٤) من الحكم التي قالها منها قوله: إنما نأكل لنعيش، لا نعيش لنأكل. وقال: لا تأكل حتى تأكل. يتداوى كل عليل بعقاقير أرضه؛ فإن الطبيعة تفرغ إلى عادتها. وقال: مثل المني في الظهر (٥) كمثل الماء في البئر، إن نزفته فات، وإن


(١) أحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي موفق الدين، أبو العباس بن أبي أصيبعة. الطبيب المؤرخ صاحب " عيون الأنباء في طبقات الأطباء ".
ولد سنة ٥٩٦ بدمشق وفي سنة ٦٦٨ هـ زار مصر ومن كتبه " التجاريب والفوائد "، " حكايات الأطباء في علاجات الأدواء "، " معالم الأمم "، وله شعر كثير.
(٢) رتبه على خمسة أبواب [خمسة عشر باباً] الأول في كيفية وجود صناعة الطب، الثاني في طبقات الأطباء الذين ظهرت لهم أجزاء من صناعة الطب. الثالث: في طبقات الأطباء اليونانيين من نسل إسقلبيوس الرابع في طبقات الأطباء اليونانيين، الخامس في طبقات الأطباء الذين كانوا منذ زمان جالينوس وقريباً منه. . . ".
" كشف الظنون " (٢/ ١١٨٥)، " الأعلام " للزركلي (١/ ١٩٧).
(٣) انظر " الفهرست " لابن النديم (ص ٣٩٨ - ٣٩٩).
(٤) هو بقراط بن إيراقليس من تلاميذ إسقلنيوس. طبيب فيلسوف قال يحيى النحوي: بقراط وحيد دهره الكامل الفاضل المبين المعلم لسائر الأشياء.
" الفهرست " (ص ٤٠٠ - ٤٠٢).
(٥) قال تعالى: (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) [الطارق: ٥ - ٧].