للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووقع هذا كما أخبر به -سبحانه- فدخلوا المسجد آمنين محلقين ومقصرين، كما وعدهم. وهكذا قوله:} إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا {(١) وقد دخل الناس في دين الله أفواجا. وما قبض -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلا بعد أن دخل جميع العرب في دين الله، ولم يبق أحد منهم على الكفر. ومن ذلك ما وقع من إخباره- سبحانه- عن أمور مستقبلة، وكانت كما أخبر به، وذلك كثير جدا، كإخباره عن بعض الكفار بأنه لا يؤمن، وأنه من أهل النار كأبي لهب، فإنه قال فيه:} سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ {(٢) فمات على الكفر. وقال في الوليد:} سَأُصْلِيهِ سَقَرَ {(٣)، فمات على الكفر.

وقد ثبت في الصحيحين (٤) وغيرهما (٥) من حديث حذيفة. أنه قال: قام فينا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مقاما، ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته، فأراه فأذكره، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه. وناهيك هذا، فإن الأخبار بجميع الحوادث المستقبلة إلى قيام الساعة أمر عظيم. وقد كان حذيفة راوي هذا الحديث مرجعا للصحابة في معرفة أحوال الفتن، ومعرفة أهل


(١) [النصر: ١ - ٣]
(٢) [المسد: ٣]
(٣) [المدثر: ٢٦]
(٤): أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦٦٠٤) ومسلم في صحيحه رقم (٢٨٩١).
(٥) كأبي داود في السنن رقم (٤٢٤٠).