للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم ـ أدام الله إفادته إمام العلوم الحائز لمنطوقها والمفهوم، البدر شيخ الإسلام ـ أمتع الله بحياته، وبارك في أوقاته ـ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مما لا غِناء عن استمداد إفادتكم ما ورد في حديث كعب بن عُجْرَةَ رضي الله عنه من قول النبي ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ في أثناء الحديث فقال: «عرض لي جبريلُ ـ عليه السلام ـ فقال: مَنْ ذُكرتَ عنده ولم يصلِّ عليك فَلَعَنهُ اللهُ فقلْ: آمين، فقلتُ آمين» (١) رواه الحاكم، وابن حبان وغيرهما، وغير ذلك من الأحاديث المتكاثرة في دواوين الإسلام، المشتملةِ على الدعاء على من ذكر عنده النبيُّ ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ ولم يصلِّ عليه بأنْ يُرْغَمَ أنفُه، وتسميتهُ بخيلاً، وكونه خِطئَ طرائق الجنة، وكونه شقي، وغير ذلك فإفادة هذه الأحاديث أنَّ ذكر عنده النبيُّ ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ سببٌ للصلاة عليه ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ.

وكل منهما على انفرادها ذكرٌ، وسببٌ مستقلٌّ يستلزم المسبِّبِ عند وجود سببه، فيلزم ما أن أذاعَه رجلٌ ملازم لذكر النبي ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ من أوَّل النهار إلى آخره. وأنت تسمع أنَّ تلازُمَ الصلاة على النبي صلي الله عليه وآله وسلم ـ ضرورتُها تكرُّرُ المسبِّب عند تكرُّر سببِه، وإلاَّ استوجب التاركُ الوعيدَ الشديدَ في الانقياد والإرغام وغيرهما، وتستلزم السنةُ أن السامع للذكر يتركُ كلِّ شيء من الطاعات وغيرها بل الواجبات ويشتغلُ بالصلاة على النبي ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ حتى يسكتَ الذاكر. وفي ذلك الاشتغال بالطاعة مشقةٌ لا تخفى، ووعيد عظيم. فهل فيه ما يصلُح أن يكون دليلاً مخلَصًا، وهو دليل يرشدُ أنه يكفي مع الذكر الكثير في الزمن الطويل الصلاة على النبي ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ مرةً أو مرتين، أو ثلاثًا؟ فالفائدة


(١) سيأتي تخريجه في الجواب.