للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابنُ الصلاح (١): إنَّ العلمَ اليقينيَّ النظريَّ واقعٌ بهِ، خلافًا لقول من نفَى ذلكَ، يعين: حصولَ اليقينِ، مُحْتَجًّا بأنَّه لا يفيدُ في أصلِهِ إلا الظنَّ، وإنما تلقَّتْهُ الأمُّةُ بالقَبولِ. قال ابن الصلاحِ (٢): وكنت أميلُ إلى هذا أو أحْسَبُهُ قويًّا، ثم بانَ لي أنَّ المذهبَ الذي اخْترناهُ أوَّلاً هو الصحيحُ، لأنَّ ظنَّ مَنْ هو معصومٌ من الخطأ لا يخطئ .. إلى آخر كلامه.

وقد سبقه إلى ذلكَ محمدُ بنُ طاهرٍ المقدسيُّ، وأبو نصرٍ عبدُ الرحيم بنُ عبدِ الخالقِ بن يوسفَ. واختارَهُ ابنُ كثيرٍ (٣) وحكَى في علوم الحديثِ لهُ أنَّ ابنَ تيميةَ (٤) حكَى ذلكَ عن أهلِ الحديثِ، وعن السلفِ، وعن جماعاتٍ كثيرةٍ من الشافعيةِ، والحنابلةِ، والأشاعرةِ، والحنفيةِ، وغيرِهم.

قال النوويُّ (٥): وخالفَ ابنَ الصلاحِ المحققونَ والأكثرونَ فقالوا: يفيدُ الظنَّ ما لم يتواتر، ونحوَ ذلك.

حكَى زينُ الدينِ (٦) عن المحققينَ واختاره، والمقصودُ من نقلِ هذا الكلامِ أنَّ العلماء متفقونَ على صحَّةِ ما في الصحيحينِ، وإنما اختلفوا هلْ هو يفيدُ العلمَ اليقينيَّ أو لا يفيدُ إلاَّ الظنَّ في غيرِ ما لم يتواتَرْ. وقد حكى الاتفاقَ على تلقي الأمَّةِ لما في الصحيحينِ بالقَبولِ السيدِ العلامةُ محمدُ بنُ إبراهيمَ الوزيرُ في تنقيحِ الأنظارِ، (٧) وقال: هو الظاهرُ.

وحكى عن جماعةٍ من أئمةِ أهلِ البيتِ ما يوافقُ ذلكَ، ثم قال بعد ذلكَ: وقد استمرَّ ذلكَ يعني: الاحتجاجَ بأحاديثِ الصحيحينِ، وشاعَ وذاعَ، ولم يُنْقَلْ عن أحدٍ فيهِ نكيرٌ.


(١) في (علوم الحديث) (ص٢٠٠ ـ ٢٠١).
(٢) في (علوم الحديث) (ص٢٠٠ ـ ٢٠١).
(٣) في (الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث) (ص١٢٧ ـ ١٢٨).
(٤) انظر (مجموع الفتاوى) (١٨/ ٢٢، ٢٣، ٤١، ٤٨، ٤٩).
(٥) في (التقريب) (ص١/ ٧٠).
(٦) في (ألفية الحديث) (ص٢٤ ـ ٢٥)، (فتح المغيث) (ص٢٥).
(٧) (ص٥٠ ـ ٥١) بتحقيقنا.