للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الصحيح (١) أنها لما نزلت جاء جماعة من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ إليه ـ عليه وآله الصلاة والسلام ـ فقالوا: يا رسول الله قد عرفنا السلامَ عليك، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلَّينا؟ فقال: «قولوا: اللهمَّ صلَّ على محمد وعلى آل محمد». إلخ. الرواية على اختلاف ألفاظها، وفي جميعها التصريحُ بأنَّ الصلاة على الجملة الإنشائية الطلبيةِ. (٢)

وإذا تقرر هذا فلم أكَدْ أسمعُ، بل وكأني به لم يقع من أحد من المحدثين، ولا غرمتم في قراءة ولا كتب سوى أنه إذا ذكر ـ عليه وآله الصلاة والسلام ـ قال الذاكر هكذا: ـ صلي الله عليه وآله وسلم. وهذه جملة خبريةٌ تفيد الإخبارَ بوقوع صلاة وسلامٍ من الله ـ عز وجل ـ لا أنها تفيدُ أحداثَ صلاة في الحال كما هو لفظهُ.

فإن قيل هذا من باب تنزيل المطلوبِ وقوعُه بمنزلةِ الواقعِ كما إذا قيل لك: ادع لفلان.

فقلت: غفر الله له، فكأنك تريد أن تقولَ: اللهم اغفر له، فنزَّلتَ المطلوبَ وقوعُه بمنزلة كأنه قد طلب ووقع. (٣)

قلت: هاهنا فرق واضح هو أن الصلاة عليه وآله معلومةُ الوقوعِ من الله ـ سبحانه ـ فالإخبار بوقوعها تحصيلُ حاصل، ولا كذلك طلبُ المغفرة لزيد لنحو حديث: «ولا أنا


(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٤٧٩٧) و (٤٧٩٨) وقد تقدم.
انظر الرسالة (١٩١، ١٩٢).
(٢) انظر: (إعراب القرآن الكريم) محيي الدين الدرويش (٨/ ٤٢ ـ ٤٣).
(٣) في هامش المخطوط: الجواب على السؤال أن يقول: قول المصلي: صلي الله عليه مكان اللهمَّ صلِّ عليه. مثل قول القائل: غفر الله له مكان اللهم اغفر له، ولا فرق لا واضح ولا خفي. قولك الصلاة عليه وآله معلومةُ الوقوع إن أردت بالمعلومة الوقوع هذه التي أنشأها المصلِّي بقوله: صلي الله عليه مكان اللهم صلِّ عليه فممنوع لأنَّه إنشاء والتنزيل بمنزلة الواقع لا يصيِّره واقعًا فإنَّه تحصيل حاصل وإن أردت بالمعلومة الواقع غيرها فمسلم ولا يضر فافهم. والله أعلم.