للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى غروب الشمس, أوتي أهل التوراة التوراةَ يعملوا بها حتى انتصف النهار, فعجزوا فأعطوا قيراطً قيراطا, ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيلَ, فعملوا به إلى صلاة العصر فأعطوا قيراطًا قيراطا, ثم أوتينا القرآن, فعملنا به إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين, فقال أهل الكتابين: أي ربي لأعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين, وأعطيتنا قيراطًا قيراطا, ونحن أكثر عمل منهم. قال الله عز وجل: هل ظلمتكم من أجركم شيئًا! قالوا: لا. قال: فهو فضلي أوتيه من أشاء".

وأوضح من هذه الرواية رواية أخرى للبخاري (١) وغيره (٢) من حديث أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ: "مثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قومًا يعملون له عملاً إلى الليل على أجر معلوم, فعملوا له إلى نصف النهار, فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا وما عملناه باطلٌ فقال لهم لا تفعلوا, لأكملوا بقية يومكم, ثم ذكر عمل النصارى كذلك [٥أ] إلى العصر, فاستأجر قومًا يعملون بقية يومهم فعملوا فاستكملوا أجر الفريقين كليهما, فذلك مثلهم ومثل ما قبلُوا من هذا النور".

فقوله: "فهو فضلي أوتيه من أشاء", نص بأن مرجع التفضيل بالأجور إلى الرب عز وجل, فليس لأحد أن يقول: لم كان كذا, أو كيف كان كذا؟ وبعد هذا كله فانظر إلى ما صرح به القرآن الكريم من قوله ـ عز وجل ـ: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} (٣) فانظر إلى ما تفيده هذه الأكبريةُ المذكورة بعد الصلاة التي هى أشرف أركان الدين,


(١) في صحيحه رقم (٢٢٦٨)
(٢) كالبيهقي (٦/ ١١٨) والبغوي في "شرح السنة" رقم (٤٠١٧)
(٣) [العنكبوت:٤٥].
انظر: "الجامع لأحكام القرآن" (١٣/ ٣٤٩).