وإذا كان الأمرُ كذلكَ تبيَّنَ أن المقيَّدَ بالنَّفثِ هو حديثِ عائشةَ لا حديث علي, وابن عمرو, وضباعة فينبغي توجيه حديث عائشة باعتبارِ تقدُّمِ النَّفثِ, وتأخره على الوجهِ الذي أسلفناه, ولا ينبغي أن يُنظرَ إلى غيرِه بذلك الاعتبارِ.
فإن قلتَ: ربما كان الوجهُ في تقدُّم النَّفثِ ما ذكره السائلُ ـ حفظه الله تعالى ـ من أن الهوى والنَّفْسَ قد جُعِلَتْ فيها البركةُ من قِبَلِ القراءةِ لأجل التوجُّهِ إليهما إلخ.
قلت: هذا وجهٌ نفيسٌ جدًا, ولكنْ إذا كان المصيرُ إلى ذلكَ متعِّينًا بلْ ولا راجحًا بل ولا مساويًا بل مرجوحًا, فلا ينبغي التعويل عليه, بلِ اللازمُ المصيرُ إلى الوجْهِ الرَّاجحِ لاسيَّما بعدَ وجودِ ما يدلُّ على لزومِ المصيرِ إليه.
وفي هذا المقدار كفايةٌ.
انتهى [٣] من تحرير المجيبِ القاضي البدرِ عزِّ الدينِ محمدِ بن علي الشوكاني ـ حفظه الله تعالى ـ , ومتع الله بحياته, وأدام فائدته.