للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحققُ الجاميُّ. ولا ينافيه عدمُ فَرْقِهِمَا بينَ الجِنْسِ واسْمِ الجنسِ كما سبقَ، وهو لا يِتمُّ إلاَّ على مذهبِ [١] مَنْ يجعلْ اسْمَ الجِنْسِ موضوعًا للماهيَّةِ، ومع وحدةٍ لا يعيِّنها لا للماهيةِ من حيثُ هي كما حقَّقَهُ سيِّدُ المحققينَ في حاشيتهِ على المطوَّلِ، والأولُ مذهبُ ابنِ الحاجبِ، والزمخشريِّ، والسَّعْدِ، والثاني مذهبُ جماعةٍ منهم: المحققُ الشريفُ، فيكونُ إطلاقُ لفظِ الأسدِ مثلاً على كلِّ فردٍ على سبيل البدلِ حقيقةً على المذهبِ الأولِ لأنَّهُ مستعملٌ فيما وُضِعَ له مجازًا على الثاني، ويكون الموضوعُ له أيضًا على الأولِ الماهيةُ بشرطِ شيء، وعلى الثاني الماهيةُ لا بشرط شيءٍ.

وقال الأندلسيُّ: اسمُ الجِنْسِ هو الدالُّ على حقيقةٍ موجودةٍ في أشخاصِ كثيرةٍ مختلفينَ بالشخصِ لا بالحقيقة، نحو: زيدٌ وعمروٌ، فإنَّ اختلافهما ليسَ بالحقيقةِ، بل بالأعراضِ، وهذا هو المتواطئُ عندَ المنطقينَ، وهو النكرةُ عندَ النحاةِ.

والجنسُ هو الجزء التامُّ المشْتَرَكُ المختلِفُ بالحقيقةِ، وكلامُهُ في تحقيق الجِنْسِ مبنيٌّ على اصْطلاحِ المنطقيينَ، فإنَّهم رسموه بالمقولِ على الكثرةِ المختلفةِ. الحقيقيةِ.

وأمَّا ما ذكره في اسم الجنس فليسَ موافقًا لاصطلاحاتهم، لأنَّه رسَمَهُ برسمِ النوعِ عند أهلِ المنطقِ، وهم لا يُطْلِقُونَ على النوع أنَّه اسمُ جنسٍ، ولم يَبْنِ كلامَهُ هذا على مُصْطَلحِ أهلِ الأصولِ في الجنسِ، فإنَّه يرسمونَهُ بِرَسْمِ النوعِ عند أهلِ المنطقِ، قال: العَضُد في شرحِ مختصرِه على المنتهي:

اعلمْ أن اصطلاح الأصوليينَ (١) في الجنسِ والنوعِ يخالف اصطلاحُ المنطقيينَ، فالمنْدرجُ


(١) انظر (الكوكب المنير) (١/ ١٤٧ ـ ١٤٨) حيث قال صاحبه: فعلم الجنس يساوي علم الشخص في أحكامه اللفظية من كونه لا يضاف ولا يدخل عليه حرف التعريف، ولا ينعت بنكرة ولا يقبح مجيئه مبتدأ ولا انتصاب النكرة بعده على الحال، ولا يصرف منه ما فيه سببٌ زائدٌ على العلمية.
ويفارقه من جهة المعنى لعمومه: إذ هو خاصٌّ شائع في حالةٍ واحدةٍ مخصوصة باعتبار تعيينه في الذهن وشياعه باعتبار أنَّ لكل شخص من أنواعه أشخاص نوعه قسطًا من تلك الحقيقة في الخارج. ?
وأما الفرق بين علم الجنس واسم الجنس. فقال بعضهم: إن اسم الجنس الذي هو أسدٌ، موضوع لفردٍ من أفراد النوع لا بعينه، فالتعدد فيه من أصل الوضع.
وإن علم الجنس الذي هو أسامةُ، موضوع للحقيقة المتحدة في الذهن فإذا أطلقت أسدًا على واحدٍ، أطلقته على أصل وضعه، وإذا أطلقت أسامة على الواحد، فإنما أردت الحقيقة، ويلزم من ذلك التعدد في الخارج، فالتعدد فيه ضمنًا لا قصدًا بالوضع. ويتساويا في صدقهما على صورة الأسد. إلا أنَّ علم الجنس وضع لها من حيث خصوصها باستحضارها في الذهن، واسم الجنس وضع لها من حيث عمومها.
انظر: (تسهيل الفوائد) (ص٣٠).