للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتسبيبَ لوقوعه. فكما تبِعَتْ أفعالُ الإجابةِ الطلبَ كذلك تبِعَتْ حروفُ الأصلِ الحروفَ الزائدةَ التي وُضعت للالتماس والمسألة.

وذلك نحوُ استخراج واستقدم واستوهب واستمنَحَ واستعطى واستَدْني فهذا على سَمْت الصنْعةِ التي تقدّمت في رأي الخليل وسيبَويه إلاَّ أنّ هذه أغمضُ من تلك غيرَ أنها وإن كانت كذلك فإنها منْقولةٌ عنها ومعقودةٌ عليها ومَنْ وجَد مقالاً قال به وإن لم يَسبِقْ إليه غيرُه. فكيف به إذا تبِعَ العلماءَ فيه وتلاهم على [تمثيل] (١) معانيه.

ومن ذلك جعلوا تكريرَ العينِ في المثال دليلاً على تكرير الفعل فقالوا: كَسَّرَ وقطَّع وفتَّح وغلَّق وذلك أنهم إذا جعلوا الألفاظَ دليلةَ المعاني [فأقوى] (٢) اللفظِ ينبغي أن تقابَلَ به قوةُ الفعلِ والعينُ أقوى من الفاء واللام، وذلك أنها واسطةٌ لهما ومكنوفَةٌ لهما فصارا كأنهما سياجٌ لها ومبذولان للعوارض دونها. (٣)

فأما حذفُ الفاءِ ففي المصادر من باب وعد نحو العِدَة والزِّنة والهِبَه. وأما اللام فنحو اليد والدم والفم والأب والأخ والسَّنَة، وقَلّما تجد الحذفَ في العين.

فلَّما كانت الأفعالُ دليلةَ المعاني كرّروا أقواها وجعلوه دليلاً على قوة المعنى المحدَّثِ به وهو تكريرُ الفعل، كما جعلوا تقطيعَه نحو صَرْصَرَ دليلاً على تقطيعه ولم يكونوا ليضعّفوا الفاءَ ولا اللامَ لكراهية [المضعَّفِ أن يجيءَ في آخرها] (٤) وهو مكانُ الحذفِ وموضعُ الإعلال، وهم قد أرادوا تحصينَ الحرفِ [٩أ] الدالِّ على قوة الفعلِِ، فهذا أيضًا من مساوقة الصنْعةِ للمعاني.

وقد أتبعوا اللامَ في باب المبالغة العينَ وذلك إذا كُرّرت العين معها في نحو دَمَكْمَك


(١) في المخطوط [مثيل] وما أثبتناه من الخصائص (٢/ ١٥٥).
(٢) في المخطوط فقوّاه وما أثبتناه من الخصائص (٢/ ١٥٥).
(٣) قال ابن جني في الخصائص (٢/ ١٥٥): ولذلك تجد الإعلال بالحذف فيها دونها.
(٤) العبارة اعتراها سقط: وهي في (الخصائص) (٢/ ١٥٥) كما يلي: التضعيف في أول الكلمة.
والإشفاق على الحرف المضعّف أن يجيء في آخرها.