للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

: الحمد لله وصلى الله على رسوله وآله وسلم ـ.

قد عجبت كثيرًا من استحسان الزمخشري (١) يرحمه الله لقول الشاعر:


(١) في (الكشاف)
(١/ ١٦٠). وهو الشاهد الثامن والأربعون بعد الثلاثمائة:
ألا أيُّها الطّيرُ المُربَّةِ بالضحى ... على خالدٍ لقد وقعتِ على لحمٍ
وكذا أورده في تفسيرهما ـ الزمخشري والبيضاوي ـ عند قول تعالى: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة:٥] على تنكير هدىً للتعظيم أي هدى عظيم, كتنكير لحم في هذا البيت, أي لحم عظيم, والفرق بينهما أنَّ الأول مفهومٌ من اللفظ المحذوف, والثاني من الفحوى, والمحوج إلى هذا استقامة المعنى, ولولاه لكان لغوًا لا يفيد شيئًا, ولهذا اعتبر, سواء كان بالقرينة الأولى أو الثانية.
ونقل عن الزمخشري أنّه كان إذا أنشد هذا البيت يقول: ما أفضحك من بيت! والبيت من شعر مذكور في أشعار هذيل ذكر موضعين منها, ذكر في الموضع الأول ستة أبيات, وفي الموضع الثاني اثنين وثلاثين بيتًا.
وأما الرواية الأولى, والشعر منسوبٌ لأبي خراش فهى هذه.
إنك لو أبصرتِ مصرع خالدٍ ... بجنب السَّتار بين أظلمَ فالحزم
لأيقنت أنَّ البكرَ ليس رزيَّة ... ولا النَّاب, لا اضطمَّت يداك على غُنمِ
تذكَّرتُ شجوًا ضافني بعد هجعةٍ ... على خالدٍ فالعين دائمةُ السَّجم
لعمرُ أبي الطَّير المرُبة بالضحى ... على خالدٍ لقد وقعت على لحمِ
كلية, وربِّى, لا تجيئين مثله ... غداة أصابته المنيَّةُ بالرّوْم
ولا وأبي تأكل الطَّيرُ مثله ... طويل النِّجاد غير هارٍ ولا هشم ?
إنك لو أبصرت مصرع خالدٍ, خطاب لعشيقة خالد بن زهير الهذلي قُتل بسببها. وخالد هو ابن أخت أبي ذؤيب الهذيلي. ?
أظلم: موضع قريب من السِّتار. ?
الحزم: موضع يقال له حزم بني غُوَال. ?
(لأيقنت أن البَكر) البَكْر: الجمل الشاب, والناب: الناقة المسنّة.
يقول لو رأيت هلاك خالد لعلمت أن ذهاب البكر والناب ليسا بمصيبة, استخففتِ مصابهما, وقوله: (اضطمَّت) هو دعاء عليها, وهو افتعلت من الضم.
أي لاغنِمتْ يداك بل خيبك الله, إذ صرت تحزنين على هذا البكر. ?
قوله: لقد وقعت علة لحم: كان ممنوعًا.
وأراد بأبي الطَّير خالدًا سمّاه به لوقوعها عليه كما يقال أبو تراب ونحو وقيل أراد أبت الطَّير الواقعة لحمة, واستعظمها بالقسم بها لاستعظام لحم خالدٍ العظيم ففيه تعظيم للإقسام عليه بنفسه.
والرِبَّة: اسم فاعل. صفة الطير, من أربَّ بالمكان إذا أقام به وروى في التفسيرين ـ الزمخشري والبيضاوي ـ.
فلا وأبي الطير المرِبَّةَ بالضُّحى.
وأما الرواية الثانية نسبها الأخفش للخراش ابن المذكور.
انظر: (خزانة الأدب) (٥/ ٨٥ ـ ٩٠).