للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السؤال]

الحمد لله .. سيدي المالك القدير العلامةَ الأوحدَ، عزَّ الإسلام، وزينةَ الأنام، محمدَ بن علي ـ حفظه الله ـ وأمتع بحياته وعليه أفضل السلام ورحمة الله وبركاتهُ، أشكلَ على المحبِّ على هاجر قولُ صاحب الكشاف (١) في تفسير قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (٢) فقال: ما تركنا وما أغُفلنا في الكتاب في اللوحِ المحفوظِ من شيء من ذلك لم نكتُبْهُ، ولم نُثْبِتْ ما وجبَ أن يَثْبِتُ مما يختصُّ به.

وقال سعد الدين في الحاشية عليه: قولُه نختصُّ به (بالنون)، وضير (به) لما، ويروى بالياء، والمستكِنُّ (لما)، وضميرُ بهِ للكتابِ، وكيف ما كان فهو بيانٌ لما وجب فيه احترازٌ عما يتعلَّق بقدرة العباد وإرادتِهم، فإنها لا تكون من هذا القبيلِ، وإنما تُعْلَمُ تِبْعًا لما يقع ... انتهى.

فالمحبُّ ـ مع قصوره في علم الكلام، وعدمِ وجودِ كتاب فيه لديه ـ، أشكلَ عليه هذا التخصيصُ، فإنه ظهر عنه أن ما يتعلَّق بقدرةِ العبادِ وإرادِتهم فهو غيرُ مكتوبٍ في اللوح، ولا معلومٍ في الأزل، وإنما يُعْلَمُ بعد وقوعِه، فهذا ما فهمه الحقيرُ، وما أظن ذلك مرادَ صاحبِ الكشافِ، ولا مرادَ المحشِّي. ولعل الحقيرَ إنما أتى من قِبَلِ سوء فهمه للمرادِ.

فالمطلوبُ إزالة الإشكالِ في ذلك. وما المراد بهذا التخصيص؟ وما الملجئ إليه؟ وما المراد أيضًا بما يتعلق بقدرة العباد وإرادتهم فإنه إن كان المراد بذلك أفعالهم ونحوَها فقولُه صلي الله عليه وسلم في الحديث المشهور: «ثم يرسلُ الملَكُ، فيؤمر بأربعٍ: بكتب رزقِه، وعملِه، وأجلِه، وشقيٌّ أم

...........................................................


(١) (٢/ ٣٤٢ ـ ٣٤٣).
(٢) [الأنعام: ٣٨].