للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أن المراد بالدنيا والآخرةِ مفهومُهُما اللغويُّ، أعني الأولَ والأخِرَ، ويكون ذلك عن الدوام، وهذا أبعدُ من الأول جدًّا.

الثالث: أن المرجعَ أعمُّ من الدنيوي والأخروي، كونُه بعدَ (جَعَل) الفوقيةِ الثابتة إلى يوم القيامةِ لا يوجِبُ كونُه بعدَ ابتداء يوم القيامة.

وعلى هذا فوقيةُ الأجور أيضًا تتناولُ نعيمَ الدارينِ. ولا يخفى أن في لفظ: {كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (١) بعضَ نبوَّةِ عن هذا المعنى، وأن المعنى: أحكم بينكم في الآخرة فيما كنتم فيه تختلفونَ فيه فِي الدنيا.

الرابع: أن العذابَ في الدنيا هو الفوقيةُ عليهم، والمعنى: أضمُّ إلى الفوقية السابقةِ عذابَ الآخِرة، وهذا بعيدٌ في اللفظ جدًّا، إذ معنى أعذِّبه في الدنيا والآخرة ليس إلاَّ أني أفعلُ عذابَ الدارينِ. إلاَّ أن يقالَ: إن اتحادَ الكلِّ لا يلزم أن يكون باتحاد كلِّ جزء، فيجوز أن يفعلَ في الآخرةِ عذابَ الدارينِ بأن يفعلَ عذابَ الآخرةِ. وقد فُعِلَ في الدنيا، فيكون تمامُ العذابينِ في الآخرة. انتهى ما أفاده سعدُ الدين ـ قُدس سرُّه ـ.

والمحلُّ محلُّ إشكال. ولا يخفى الراجحُ من تلك الجواباتِ. وقد نقلت كلامَ السعد فقد لا يكونُ لدى السائل نسخةٌ أو لم يكنْ قدِ اطَّلع على البحثِ. والله أعلم.

كتبه عليُّ بن عبد الله الجلال ـ لطف الله به ـ ... انتهى.


(١) [آل عمران: ٥٥].