للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك قولُ ابن الحاجب بالضمةِ رفعًا، والفتحة نصبًا، والكسرة جرًّا، فإن الرَّضيَّ قال في شرحه: إن هذه المصادرَ بمعنى المفعولِ كقولهم: الفاعلُ رفعٌ أي مرفوعٌ، وهذا يقعُ كثيرًا في كلامهم، ومنه ما سألَ عنه [١١] السائل ـ عافاه الله ـ ... قال الرَّضيُّ (١) عند شرح قول ابن الحاجب: وحكمه أن يختلف آخرهُ لاختلافِ العواملِ لفظًا أو تقديرًا ما لفظُه: فلهذا يقال في نحو هؤلاء أنَّه في محلِّ رفع، أي في موضع الاسمِ المرفوعِ ... انتهى.

وقد ذكر هذا أهلُ المعاني والبيانِ في مواضعَ، ومثَّلوه بقول الشاعر: فإنما هي إقبالٌ وإدبارُ ... أي مقبلةٌ ومدبرةٌ ...

وجواب السؤال الثاني: إن ما يذكره أهلُ العلم في الأبواب هو من باب الرسول لا من باب الحدودِ، كما حقَّق ذلك جماعةٌ من المحققين، لأن الوقوف على الذاتيات التي مدارُ الحدِّية عليها متعسِّرًا أو متعذِّرًا، وإذا كان ذلك رسمًا لا حدَّا فالمراد تمييزهُ عن مشاركاتهِ في الماهيةِ بالوجهِ لا بالكُنْهِ، ولو كان ذلك بخاصةٍ أو بعرضٍ عامٍّ، وبيانه في مثل الصورةِ التي ذكرها السائلُ ـ عافاه الله ـ إنه لما قيل في حد المبتدأ أنَّه الاسم المجردُ عن العوامل اللفظيةِ بقي كثيرٌ من الأسماء المجردةِ عن العوامل داخلاً في هذا، فلما قال المرفوعُ خرجت تلكَ المشارِكاتِ على زعم من حدَّد المبتدأَ بمثل هذا الحدِّ.

وعندي أنها لا تخرجُ جميعُ المشاركاتِ بقوله المرفوعُ، بل يبقي الخبر داخلاً في حدِّ المبتدأ فإنه اسم مجرَّدٌ عن العوامل اللفظية مرفوعٌ، فلا يصح الحدُّ إلا عند من يجعلُ المبتدأ هو العاملُ في الخبرِ كما نقلَه الأندلسيُّ عن سيبويه.

وروي عن أبي علي الفارسي وأبي الفتح ابن جنيّ. (٢) وقال الكسائي والفراءُ: هما مترافعانِ. وقال خلف الأحمرُ: إن المبتدأ يرتفع بإسناد الخبر إليه. وقال بعض الكوفيين: المبتدأ مرتفعٌ بالضميرِ العائد إلى الخبرِ. وقال الزمخشريُّ والجزوليُّ: إن الابتداءَ هو العامل


(١) في (شرح الكافية) (١/ ٥٠).
(٢) انظر (اللمع في العربية) (ص٧٢ ـ ٧٣)، (ضياء السالك إلى أوضح المسالك) (١/ ١٧١).