فإنّها تارة يقع الإلغاز بها من حيث معانيها، وأكثر أبيات المعاني من هذا النوع وقد ألف ابن قتيبة في هذا النوع مجلدًا حسنًا. وكذلك ألف غيره. وإنما سموا هذا النوع أبيات المعاني لأنها تحتاج إلى أن يسأل عن معانيها ولا تفهم من أول وهلة. وتارة يقع الإلغاز بها من حيث اللفظ والتركيب والإعراب. انظر (المزهر في علوم اللغة وأنواعها) للسيوطي (١/ ٥٧٨). وقال السيوطي في (الأشباه والنظائر) (١/ ٧) واللغز النحوي قسمان: أحدهما: ما يطلب به تفسير المعنى والآخر ما يطلب به وجه الإعراب. ? واللُّغز: هو أن يكون للكلام ظاهر عجب لا يمكن وباطن ممكن غير عجب. واشتقاق اللغز من: ألغز اليربوع ولغَزَ إذا جفر لنفسه مستقيمًا ثم أخذ يمنة ويسرة. يورِّ بذلك ويُعمِّي على طالبه. قال الخفاجي: إن قيل: فما تقولون في الكلام الذي وضع لغزًا، وقصد ذلك فيه؟ قيل: إن الموضوع على وجه الإلغاز قد قصد قائله إغماض المعنى وإخفاءه، وجعل ذلك فنًّا من الفنون التي يستخرج بها أفهام الناس، وتمتحن أذهانهم، فلما كان وضعه على خلاف وضع الكلام في الأصل كان القول فيه مخالفًا لقولنا في فصيح الكلام. حتى صار يحسن فيه ما كان ظاهره يدل على التناقض، أو ما جرى مجرى ذلك، كما قال بعضهم في الشَّمع: تحيا إذا ما رؤوسها قطعت ... وهنَّ في الليل أنجم زُهرُ وقال صاحب البرهان: وأما اللغز: هو قول استعمل فيه اللفظ المتشابه طلبًا للمعاياة والمحاجاة. والفائدة في ذلك في العلوم الدنيوية، رياضة الفكر في تصحيح المعاني، وإخراجها من المناقضة والفساد إلى معنى الصواب والحق، وقدح الفطنة في ذلك، أو استنجاد الرأي في استخراجه. انظر: (معجم البلاغة العربية) (ص٦٢٢ ـ ٦٢٣).