للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملل، بل خلاف ما أقر به هو في كلامه السابق إقرارا مكررا، فيا عجبا لمن يتمسك. ممثل هذا الكلام الذي لم يجر على نمط شرع ملة من الملل، ولا وافق نصا من نصوص كتب الله- سبحانه-! ويجعله نفس ما وردت به التوراة والإنجيل، ويجزم به، ويحرر في كتبه ذلك مظهرا أن الشريعة المحمدية جاءت. مما لم يكن في الشرائع السابقة، زاعما أن ذلك دليل على كمالها، ومبطنا ما أبطنه هذا الزنديق ابن ميمون اليهودي.

وبالجملة فكلام ابن ميمون هذا كما هو مخالف للملة اليهودية، ولما جاءت به التوراة، وما قاله علماء اليهود، وهو أيضًا مخالف للملة النصرانية، ولما جاء به الإنجيل، وقاله علماء النصارى، ومخالف أيضًا لما جاءت به الشريعة الداودية، وما صرح به الزبور، ونحالف لما جاءت به الملة الإسلامية، وما صرح به القرآن الكريم، وأجمع عليه علماء الإسلام، بل مخالف لشرائع الأنبياء جميعا كما حكى [١١] ذلك عنهم القران الكريم. فنحن وإن لم نقف على غير التوراة والزبور ونبوات أنبياء بني إسرائيل، والإنجيل من شرائع الأنبياء السابقة فقد حكاها لنا القرآن [الكريم] (١) في غير موضع، وكما أن كتب الله- سبحانه- التي نقلنا نصوصها فيما سبق ترد ما نقله ابن أبي الحديد، ومن تقدمه كابن سيناء (٢) زاعمين أنه الذي في شريعة موسى وعيسى- عليهما السلام-، وأنه الثابت في التوراة (٣) والإنجيل (٤). وكذلك يرده القرآن كقوله سبحانه حاكيًا عن


(١) زيادة يقتفيها السياق.
(٢) وقوله: " في أن المعاد لا يكون إلا روحانيا فلا تتصور اللذات الحسية إذ شرط إدراكها تعلق النفس بالبدن ". وما تقدم في الرسالة يبطله.
وانظر: كتابه " الإشارات والتنبيهات " (ص ٧٤٩ - ٧٥١).
وقد رد ابن تيمية في كتابه " درء تعارض العقل والنقل " على الإشارات والتنبيهات لابن سينا في مواضع مختلفة منه.
(٣) تقدم ذكر نماذج على ذلك.
(٤) تقدم ذكر نماذج على ذلك.