للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أكثر بقاع الأرض، ولم نسمع عن أحد منهم أنه أنكر ذلك، أو قال ١١٢١ هو خلاف ما في التوراة والإنجيل. وقد سكن النبي- صلى الله عليه واله وسلم- بالمدينة الشريفة، ونزل عليه أكثر القرآن ها، وكان اليهود متوافرين فيها، وفيما حولها من القرى المتصلة ها، وكانوا يسمعون ما يزله الله على رسوله من القرآن، وينكرون ما ورد مخالفا لما في التوراة، ويجادلون أبلغ مجادلة كما حكى ذلك القران الكريم، وتضمنته كتب السير والتاريخ، ولم يسمع أن قائلا قال له أنك تحكى عن التوراة ما لم يكن فيها من البعثة، ونعيم الجنة وعذاب النار. وقد كانوا يتهالكون على ذلك، ويبالغون في تتبعه، بل كانوا في بعض الحالات ينكرون وجود ما هو موجود في التوراة كالرجم (١)، فكيف يسكتون عن هذا الأمر العظيم مع سماعهم لحكاية القرآن له عنهم وعن التوراة! وهل كانوا يعجزون عند أن يسمعوا ما حكاه الله عنهم من قولهم: {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة} (٢). أن يقولوا: ما قلنا هذا، ولا نعتقده، ولا جاءت به شريعة موسى. وهكذا عند سماعهم قوله تعالى: {وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى} (٣). وعند سماعهم قوله تعالى: {إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى} (٤).

وبهذا يتبين لك أن هذه المقالة لم تسمع ها اليهود ولا النصارى إلا في عصر الزنديق ابن ميمون- عليه لعائن الله-. وفي هذا المقدار كفاية لمن له هداية.

حرره مؤلفه محمد بن علي الشوكاني غفر الله لهما في بعض فار يوم السبت، لعله الثاني عشر من شهر ربيع الآخر، سنة ١٢٢٤ هـ، حامدا لله، ومصليا ومسلما على


(١) تقدم ذكر ذلك (٥٠٥).
(٢) [البقرة: ٨٠]
(٣) [البقرة: ١١١]
(٤) [الأعلى: ١٨ - ١٩]