للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منذ ثنتى عشرة سنة قال: إنما نقلت الآن من الحساب.

وأخرج ابن عساكر (١) عن مطرف أنه رأى عثمان بن عفان- رضي الله عنه - في اليوم فقال: رأيت عليه ثيابا خضرا قلت: يا أمير المؤمنين، كيف فعل الله بك؟ قال: فعل بي خيرا. قلت: أي الدين خير؟ قال: الدين القيم ليس بسفك الدم.

وأخرج ابن أبي الدنيا (٢) عن محمد بن النضر الحارثي قال: رأى مسلمة بن عبد الملك عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- بعد موته فقال: يا أمير المؤمنين، ليت شعري إلى أي الحالات صرت بعد الموت؟. قال: يا مسلمة، هذا أوان فراغي، والله ما استرحت إلا الآن. قلت: فأين أنت؟ قال: مع أئمة الهدى في جنات عدن، والقصص في هذا كثير جدا، والتقاء أرواح الأحياء بأرواح الأموات معلوم يتفق منه في كل عصر مع كثير من الناس قصص، فلا حاجة لنا إلى الاستكثار من ذلك. قال الشيخ عز الدين (٣) بن عبد السلام: أجرى الله العادة [٣أ] إن الروح إذا كانت في الجسد كان الإنسان مستيقظا، فإذا خرجت من الجسد نام الإنسان، ورأت تلك الروح المنامات إذا فارقت الجسد ". قال ابن القيم (٤): تلاقي أرواح الموتى وأرواح الأحياء أدلته أكثر مع أن يحصيها إلا الله تعالى، والحس الواقع من أعدل الشهود فتتلاقى أرواح الأحياء وأرواح الأموات كما تتلاقى أرواح الأحياء. قال الله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} (٥) انتهى، قلت: وفي هذه الآية أعظم دلالة على التقاء أرواح الأحياء، والأموات، لأن أرواح الأحياء عندما يتوفى الأنفس التي لم تمت تصير مجتمعة بأرواح الأموات بجامع


(١) عزاه إليه السيوطي في " شرح الصدور ص ٣٦١
(٢) في المنامات رقم (٢٧) لإسناد منقطع.
(٣) في القواعد الكبرى (٢/ ٣٨١).
(٤) في كتاب الروح (ص ٢٨ - ٢٩).
(٥) [الزمر: ٤٢].