شامل لما ذكرتم أنا اشتغلنا عنه بغيره. قالوا منع السند بلا دليل مكابرة. وأجيب بأنه لم يكن منعنا له مجردا على أنا نمنع كونه سندا ونجعله من باب إقحام دعوى على دعوى. قالوا إنما جعلنا ذلك التعلق سندا لأنكم قد اعترفتم بأن الجسم (١) والعرض كل منهما محسوس يصح أن يحس، فقد ثبت أن صحة الرؤية مشترك بين [٢] الجسم والعرض، وهذه الصحة لهما علة مختصة بحال وجودهما. وذلك لتحققها عند الوجود كما اعترفتم به وانتفائها عند العدم، فإن الأجسام والأعراض لو كانت معدومة لاستحال كونها مرئية بالضرورة والاتفاق، ولولا تحقق أمر مصحح حال الوجود غير شقق حال العدم- لكان ذلك- أي اختصاص الصحة بحال الوجود- ترجيحا بلا مرجع، لأن نسبة الصحة- على تقدير استغنائها عن العلة- إلى طرفي الوجود والعدم على سواء، وهذه العلة المصححة للزوم لا بد أن تكون مشتركه بين الجوهر والعرض، وإلا لزم تعليل الأمر الواحد- وهو صحة كون الشيء مرتبا بالعلل المختلفة والأمور المختصة- إما بالجواهر وإما والأعراض، وهو غير جائز كما تقرر في محله.
ثم نقول: وهذه العلة إما الوجود وإما الحدوث إذ لا مشترك بين الجوهر والعرض سواهما، فإن الأجسام لا توافق الألوان في صفة عامة بتوهم كونها مصححة سوى هذين، لكن الحدوث لا يصلح أن يكون علة للصحة، لأنه عبارة عن الوجود مع اعتبار عدم سابق، والعدم لا يصلح أن يكون جزاء للعلة، لأن التأثير صفة إثبات فلا يتصف به العدم ولا ما هو مركب منه، وإذا سقط العدم عن درجة الاعتبار لم يبق إلا الوجود، فإذن هي- أي العلة المشتركة- الوجود، فإنا مشتركة بينهما وبن الواجب لما تقرر من اشتراك الوجود بين الموجودات كلها. فعلة صحة الرؤية متحققة في حق الله تعالى بتحقق صحة الرؤية وهو المطلوب.
وأجيب بأنه قد اعترف [٣] بركاكة هذا الدليل- الذي هو أشهر أدلتكم- كثير