للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلا نطول الكلام بنقل حججهم العقلية، وأجودها [٧] لديهم الدليل السمي بدليل الوجود وقد أدرجناه فيما سلف.

قال السيد المحقق في شرح المواقف (١) ما نصه: (ولقد بالغ المصنف في ترويج المسلك العقلي لإثبات صحة رؤية الله تعالى لكي لا يلتبس على الفطن النصفي أن مفهوم الهوية المطلقة المشتركة بين خصوصيات الهوايات أمر اعتباري كمفهوم الهوية والحقيقة، فلا تتعلق ها الرؤية أصلا وأن المذكور من الشيخ البعيد هو خصوصيته الموجودة إلا أن إدراكها إجمال لا يتمكن به على تفصيلها، فإن مراتب الإجمال متفاوتة قوة وضعفا كما لا يخفى على ذي بصيرة فليس يجب أن يكون كل إجمالي وسيلة إلى تفصيل أجزاء المدرك وما يتعلق به من الأحوال ألا ترى إلى قولك كل شيء فهو كذا، وفي هذا الترويج تكلفات يطلعك عليها أدنى تأمل.

فإذن الأولى ما قد قيل من أن التعويل في هذه المسألة على الدليل العقلي متعذر فليس إلى ما اختاره الشيخ أبو منصور الماتريدي (٢) من التمسك بالظواهر النقلية) (٣) انتهى كلامه.

إذا عرفت هذا الاعتراف بتعذر التعويل على أدلة العقل والتصريح بأن لا متمسك إلا أدلة النقل فسنطلعك على نصيب تبصر به إن شاء الله تعالى الحق، ولكنا لما رأينا القائلين بعدم جواز الرؤية مصرحين في كتبهم الكلامية بعكس ما صرح به حذاق الأشعرية حتى


(١) للقاضي عضد الدين الإيجي (ت ٧٥٦ هـ) المواقف في علم الكلام.
(٢) محمد بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي (نسبة إلى ماتريد بسمرقند) توفي سنة ٣٣٣ هـ من أئمة المتكلمين ورأس الماتريدية، وقد خالف الأشعري في مسائل أوردها أبو عذبة في كتابه " الروضة البهية فيما بين الأشاعرة والماتريدية ".
الأعلام (٢٤٢١٧). تاريخ الأدب العربي (٤/ ٤١ - ٤٣).
وانظر: الماتريدية (ص ٨٥) وما بعدها.
(٣) انظر أراء الماتريدية في " الرؤية" تلبيس الجهمية (٨٨١٢) منهاج السنة (٢/ ٣٣١ - ٣٣٣).