للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دار الآخرة ١٢٤١ ومعلوم أنه يعلمونه في دار الدنيا. "

وأجيب: بأن المبشر به هو العلم الضروري وهو غير حاصل في دار الدنيا، ومثله قوله تعالى {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ} (١) فإن كل مؤمن بالوعد والوعيد شأنه الإيمان بالنار في الدنيا، قالوا: وأي فائدة في البشارة بالعلم الضروري أيضا؟.

وأجيب: بأنه موجب للاستراحة من مؤمنة النظر وتعب الفكر، قالوا: فيجب على هذا لاشتراك جميع العباد في ذلك من مؤمن وكافر لحصول العلم الضروري (٢) هنالك لجميعهم.

وأجيب بأن المنافقين والكفار إذا علموا الله ضرورة لم يكن حالهم كحال المؤمنين لأن علم المؤمنين موجب لحصول البشارة، وعلم من عداهم موجب لحصول الكآبة والحسرة.

قالوا: أجمع على أن (رأى) إذا كان قلبيا اقتضى مفعولين (٣)، ثانيهما عبارة عن الأول وإن كان بصريا فلا يقتضى إلا مفعولا واحدا، فإن جعل قوله "سترون ربكم كما ترون القمر (٤) مفعولا مطلقا، أي: سترون ربكم رؤية مثل رؤية القمر، كان رؤية بصرية قطعا، لأنه متعد إلى مفعول واحد حينئذ ولا مجال لدعوى الحذف. وإن جعلناها قلبية فلا بد أن يكون كالقمر هو المفعول الثاني لعدم صلاحية (يوم القيامة وليلة البدر) لذلك ويلزمهم حينئذ الفساد لأن المقرر في النحو الثاني عبارة عن الأول محمول عليه حمل مواطأ فيكون معني الحديث: ستعلمون مثل القمر، والمثل. معني المماثل أي ستعلمون ربكم، مماثلا للقمر، وهو تشبيه بلا تجسيم صحيح، فإن المتماثلين هما المتشاركان في


(١) التكاثر:٦.
(٢) انظر الإبانة (ص: ٤٣ - ٤٤).
(٣) انظر الإيمان من "إكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم" (٢/ ٧٧٤).
(٤) تقدم آنفا.