(٢) هذه المسألة- رؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لربه- وقع الخلاف فيها قديما وحديثا. القول الأول: ذهب قوم إلى إنكارها وأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربه، ومن هؤلاء. عائشة وابن مسعود وأبو هريرة. أخرج البخاري في صحيحة رقم (٨٨٥٥) ومسلم رقم (١٧٧) عن عائشة رضي الله عنها- قالت: " ثلاث من حدثك هن فقد كذب، من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب ... " واللفظ للبخاري. القول الثاني: إثبات رؤية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لربه، وهذا قول ابن عباس وأنس وإليه ذهب عكرمة والحسنى، والربيع بن سليمان، وابن خزيمة والإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، وأبو إسماعيل الهروي وكعب الأحبار والزهري، وعروة بن الزبر، ومعمر- وهو قول الأشعري وغالب أتباعه ورجحه النووي. القول الثالث: التوقف في المسألة ذكره القاضي عياض حيث قال: ووقف بعض مشايخنا في هذا وقال: ليس عليه دليل واضح لكنه جائز .. " وقال القرطي في المفهم (١/ ٤٠٢): " والوقف في هذه المسألة أرجح وذكر أنه ليس في الباب دليل قاطع وغاية ما استدل به للطائفتين ظواهر متعارضة قابلة للتأويل، قال وليست المسألة من العمليات فيكتفي فيها بالأدلة الطيه، وإنما هي من المعتقدات فلا يكتفي فيها إلا بالدليل القطعي. القول الراجح:- قال ابن حجر في الفتح (٨/ ٦٠٨) وعلى هذا فيمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفى عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباته على رؤية القلب. ثم المراد برؤية الفوائد روية القلب لا مجرد حصول العلم، لأنه كان عالما بالله على الدوام. بل مراد من أثبت له أنه رآه بقلبه