للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خلاف الأصل وأما ثانيا فلأن النظر يمتنع أن يكون معه رؤية لا للثواب ولا لأثره. أما الثواب فكما ذكرناه، وأما أثره فلأن النظر في الآية قبل أوان أثر الثواب بدليل مقابلة [٤٢] تظن أن يفعل بها فاقرة {(١) إذ لا معنى للظن بعد الوقوع، فلا وقوع للعقاب ولا للثواب كما هو مقتضى المقابلة فالنظر بلا رؤية إنما هو عبارة عن مجرد تقليب الححقة كما هو حقيقته وهو غم أي تقليب الحدقة إلى المرثي بلا رؤية، والآية في سياق النعم على فريق الجنة فإن يومئذ في سرور لا غم فيه، لأنه يقال في الجواب عن الأول بأن إطلاق الثواب (٢) على أثره مطابق للتنزيل في كذا وكذا آية، بل لم يطلق الثواب في الكتاب والسنة وسائر الكلام إلا على أثره، ولا معنى لإطلاقه على [٤٣] نفس الثواب، أي المصدر في مقام الوعد والإضمار وإن كان خلاف الظاهر والأصل، إلا أفم قد صرحوا بأنه من أكثر أنواع الكلام ورودا.

على أن الذاهب إلى القول بالرؤية من هذه الآية لا بد له من المجاز لأن الرؤية على وجه الإحاطة بذاته تعالى ممتنعة الفاقا، ولا شك أن حمل قول القائل رأيت زيدا على وجه الإحاطة مجاز، وقد حاول القاضي زكريا دفع هذا فما جاء بشيء. وعن الثاني، بأن تقليب الحدقة إلى محل الرجاء والتلفت نحو المطلوب فرع من فروع توقعه لا محالة، هذا هو المفهوم من الآية ولا شبهة أن الاستشراف بحصول المعلوم بالوعد الصادق من الكريم المطلق تعالى في مقام إنجازه سرور وحبور، ومما يخش في وجه الاستدلال هذه الآية ما ذكره العلامة جار الله في "كشافه" (٣) في تفسير هذه الآية قال " تنظر إلى ربها خاصة لا تنظر إلى غيره وهذا معنى تقلم المفعول، ألا ترى إلى قوله:} إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ {(٣)} إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ & (٤)


(١) القيامة:٢٥
(٢) انظر لسان العرب (٢/ ١٤٥)
(٣) القيامة:١٢
(٤) القيامة:٣٠