للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، وصلى الله على من لا بي بعده، وآله من بعده، وصحبه الراشدين، وبعد:

فإني قد كنت استنبت في جواب السؤال المنقول في هذا القرطاس بعض من أخذ عنى العلم، وكتبت بقلمي بعد جوابه ما فيه الإشارة إلي ما اعتقده في جواب السؤال الأول، حيث قلت: إنه يمكن التأويل بأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أراد أن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ما خلف عندنا من العلم المكتوب بالتيلم إلا هذا، لأنه لم يكن عنده مكتوبا إذ ذاك إلا مصحفه، وما (١) في الصحيفة، وهذا التأويل غير مناف لجميع تلك الروايات السابقة إلي ساقها السائل- عافاه الله-. ووجه هذا أن النفط لو كان ما هو أعم من المكتوب لكان مستلزما أنه لم يكن عنده من جميع العلم إلا ما ذكره - صلى الله عليه وسلم -. واللازم باطل، فالملزوم مثله.


(١) يشير إلي الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦٩١٥) عن أبي جحيفة قال: " سألت عليا رضي الله عنه: هل عندكم شيء مما ليس في القرآن؟ وقال ابن عيينة مرة: ما ليس عند الناس- فقال: والذي خلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن، إلا فهما يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسر وأن لا يقتل مسلم بكافر ".
وأخرجه احمد (١/ ١١٩) وأبو داود رقم (٤٥٣٠) والنسائي (٨/ ١٩).
والحاكم في المستدرك (٢/ ١٤١) وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهي، والطحلوي في " شرح معاني الآثار " (٣/ ١٩٢) والدارقطني (٩٨/ ٣ رقم ٦١) والبيهفي (٢٩/ ٨) وهو حديث صحيح بشواهده. وانظر الإرواء رقم (٢٢٠٩).
ولفظه: عن فيس بن عباد، قال: انطلقت أنا والأشتر إلي علي عليه السلام. فقلنا: هل عهد إليك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا لم يعهده إلي الناس عامة؟ قال: لا، إلا ما في كتابي هذا؟ قال مسدد: قال: فأخرج كتابا، وقال احمد: كتابا من قراب سيفه، فإذا فيه: " المؤمنون تكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، من أحدث حدثا فعلى نفسه، ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ".