للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن ابن مسعود عنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أن قال: " نضر (١) الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، وحفظها، ثم أذاها إلي من لم يسمعها، فرب حامل فقه يخر ففيه، ورب حامل فقه إلي من هو أفقه منه ". والحديث في هذا المعنى متسع، وكتاب عمرو ابن حزم في دية الأصابع مشهور (٢) متداول بين أئمة العلم. وقد روى هذا الحديث جماعة من الحفاظ، وأئمة الأثر كالنسائي، وأبي زرعة الدمشقي، والحافظ الطبراني، وابن حبان في صحيحه. وكان الصحابة والتابعون يرجعون إليه [١] آراءهم فجرى مجرى الإجماع على الأخذ منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - من غير طريق باب مدينة العلم - عليه السلام -.

وثبت بالتواتر المعنوي (٣) إرسآله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -. . . . . . . . . . . . . . . .


(١) نضره ونضره وأنضره: أي نعمه. ويروى بالتخفيف والتشديد من النضارة، وهي في الأصل: حسن الوجه والبريق، وإنما أراد حسن خلقه وقدره.
النهاية (٥/ ٧١).
(٢) أخرجه أبو داود في المراسيل رقم (٩٢) ورجآله ثقات. رجال الشيخين. غر محمد بن عمارة - وهو ابن عمرو بن حزم الأنصاري الحزمي المدني - فإنه ا يخرجا له ولا أحدهما. وهو صدوق. وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في " الثقات " (٥/ ٣٨٠) وقال أبو حاتم: صالح. ابن إدريس: هو عبد الله ابن إدريس بن يزيد الأودي الكوفي.
والنساني في السنن (٨/ ٧٥ - ٥٨ رقم ٤٨٥٣) مختصرا. وابن خزيمة رقم (٢٢٦٩) مختصرا وابن الجارود في " المنتقى " رقم (٧٨٤) وابن حبان في صحيحه رقم (٧٩٣ - موارد) والحاكم (٣٩٥١١ - ٣٩٧) والبيهقي (٨/ ٧٣) ولمعظم فقراته شواهد انظر نصب الراية (١/ ١٩٦ - ١٩٧) و (٢/ ٣٤٠ - ٣٤١) و" تلخيص الحبيرر "
(٤/ ١٧ - ١٨). والخلاصة أن الحديث صحيح.
(٣) المتواتر: هو ما رواه جمع كثر، تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، أو وقوعه منهم من غير قصد التواطؤ، عن جمع مثلهم، حتى يصل المنقول إلي منتهى السند، ويكون مستند علمهم بالأمير المنقول عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المشاهدة أو السماع.
المتواتر نوعان: لفظي: وهو ما اتفق رواته في لفظه - ولو حكما - وفي معناه، وذلك كحديث: "
من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
انظره في " نظم المتناثر من الحديث المتواتر " ص ٢٠ للكتاني.
والمتواتر المعنوي: هو ما اختلفوا في لفظه ومعناه مع رجوعه لمعني كلي، وذلك بان يخبروا عن وقائع مختلفة تشترك كلها في أمير واحد فالأمير المشترك المتفق عليه بين الكل هو المتواتر فمنه أحاديث رفع اليدين في الدعاء، فقد روى عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو مائه حديث فيه رفع يديه في الدعاء. لكنها في قضايا مختلفة، فكل قضية منها لم تتواتر، والقدر المشترك فيها، وهو الرفع عند الدعاء تواتر باعتبار المجموع.
انظر: المسودة ص ٢٣٣ - ٢٣٧، إرشاد الفحول ص ٤٦ - ٤٨.