للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميع الأمور واختر لنفسك في الهوى من تصطفي والموعد القيامة وستعلم لمن عقبى الدار. فمن تنفسات الجيلي في كتابه المذكور في الباب السابع قوله: فأول رحمة رحم الله ها الوجود أن أوجد العالم من نفسه قال الله تعالى: {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} (١) ولهذا سرى وجوده في الموجودات فظهر كماله في كل جزء وفرد من أجزاء العالم ولم يتعدد بتعدد مظاهره بل هو واحد في جميع تلك المظاهر وسر هذا السريان أن خلق العالم من نفسه وهو لا يتجزأ فكل شيء من العالم هو بكماله واسم الخلقية على ذلك الشيء بحكم العارية لا كما يزعمه من يزعم أن الأوصاف اللاهبة هي التي تكون بحكم العارية إلى العبد وأشار إلى ذلك بقوله:

أعارته طرفا رأها به ... فكان البصير بها طرفها

فإن العارية ما هي في الأشياء إلا نسبة الوجود الخلقي إليها فإن الوجود الحقي لها أصل فأعار الحق خلقه اسم الخلقية لتظهر بذلك أسرار اللاهية ومقتضياتها من التضاد فكان الحق هيولا العالم قال الله تعالى: (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق & (٢) فمثل العالم مثل الثلج والحق سبحانه الماء الذي هو أصل الثلج فاسم الثلج على ذلك المنعقد معار واسم المائية عليه حقيقة وقد نبهت على ذلك في القصيدة [٢٣] المسمى بالبوادر العينية بقولي:

وما الخلق في التمثال إلا كثلجة ... وأنت لها الماء الذي هو نابع

ولكن يذوب الثلج يرفع حكمه ... ويوضع حكم الماء والأمر واقع

تجمعت الأضداد في واحد البهاء ... وفيه تلاشت فهو عنهن صادع

انتهى.


(١) [الجاثية: ١٣].
(٢) [الحجر: ٨٥].