للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

برهان ما ثبت في البخاري (١) وغيره (٢) من حديث [١ ب] أبي هريرة عن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " يقول الله تعالى: من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة "، وفي رواية " فقد آذنته بالحرب، وما تقرب لي عبدي بختل ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، ونظره الذي ينظر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، بي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي. ولئن استعاذني لأعيذنه. وما ترددت في شيء أنا فاعله توددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته، ولا بد له منه " (٣).


(١) في صحيحة رقم (٦٥٠٢).
(٢) كالبيهقي في الأسماء والصفات (ص ٤٩٠، ٤٩١) وأبو نعيم في الحلية (٤١١) والبغوي في " شرح السنة " رقم (١٢٤٨).
وانظر: تخريجنا لطرق هذا الحديث والكلام عليه في تحقيقنا لكتاب " قطر الولي ".
(٣) قال في جامع العلوم والحكم: " .. لما ذكر أن معاداه أوليائه محاربة له ذكر بعد ذلك وصف أوليائه الذين تحرم معاداتهم، وتجب موالاتهم فذكر ما يتقرب به إليه، وأصل الولاية: القرب، وأصل العداوة: البعد، فأولياء الله هم الذين يتقربون إليه، مما يقرهم منه، وأعداؤه الذين أبعدهم عنه بأعمالهم المقتضية لطردهم وإبعادهم منه فقسم أولياءه المقربين إلى قسمين:
أحدهما: ومن تقرب إليه بأداء الفرائض، ويشمل ذلك فعل الواجبات وترك المحرمات، لأن ذلك كله من فرائض الله التي افترضها على عباده.
الثاني: من تقرب إليه بعد الفرائض، بالنوافل، فظهر بذلك أنه لا طريق يوصل إلى التقرب إلى الله تعالى، وولايته، ومحبته سوى طاعته التي شرعها على لسان رسوله، فمن ادعى ولاية الله، والتقرب إليه ومحبته بغر هذه الطريق، تبين أنه كاذب في دعواه.
فمتى امتلأ القلب بعظمة الله تعالى، محا ذلك من القلب كل ما سواه، ولم يبق للعبد شيء: من نفسه وهواه، ولا إرادة إلا لما يريده منه مولاه فحينئذ لا ينطق العبد إلا بذكره ولا يتحرك إلا بأمره، فإن نطق بالله وإن سمع سمع به وإن نظر، نظر به ..... ".
وقال ابن تيمية في " مجموعة الرسائل والمسائل (١/ ٥٠): فولي الله من والاه بالموافقة له في محبوباته ومرضياته وتقرب إليه. مما أمر به من طاعاته ".