(٢) ولهذا كان عمر- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يشاور الصحابة رضي الله عنه ويناظرهم ويرجع إليهم في بعض الأمور- وينازعونه في أشياء فيحتج عليهم ويحتجون عليه بالكتاب والسنة، ويقرهم على منازعته ولا يقول لهم: أنا محدث ملهم، مخاطب فنبغي لكم أن تقبلوا مني ولا تعارضوني. وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن كل واحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله وهذا من الفروق بين الأنبياء وغررهم فان الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه يجب لهم الإيمان بجميع ما يخبرون به عن الله، بخلاف الأولياء فإنه لا تجب طاعتهم قي كل ما يأمرون به، ولا الإيمان بجميع ما يخبرون به بل بعرض أمرهم وخبرهم على الكتاب والسنة فما وافق الكتاب والسنة وجب قبوله، وما خالف الكتاب والسنة كان مردودا. انظر " الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان " لابن تيمية (ص ١٥٧ - ١٥٩). ولذلك يجب على أولياء الله الاعتصام بالكتاب والسنة، وأنه ليس فيهم معصوم يسوغ له أو لغيره إتباع ما يقع في قلبه من غير اعتبار بالكتاب والسنة. ومن خالف هذا إما أن يكون كافرا وإما أن يكون مفرطا في الجهل. . قال أبو القاسم الجنيد- رحمه الله- "علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة فمن لم يقرا القران ويكتب الحديث لا يصح له أن يتكلم في علمنا أو قال: لا يقتدي به ". انظر: الحلية لأبي نعيم (١٠/ ٢٥٥) والرسالة القشرية (١/ ١٣٤). وفي قوله تعالى: {قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين} " [النور:٥٤]. قال أبو عثمان النيسابوري " من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة، ومن أمر الهوى على نفسه قولا وفعلا نطق بالبدعة ". ذكره أبو نعيم في الحلية (١٠/ ٢٤٤) وأبو القاسم القشيري في " الرسالة القشرية " (١/ ١٣٩) وابن تيمية في الفرقان (ص ١٦٢).