للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال السائل:

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول} (١) أي من أحد من الخلق، ولكن يقول من ظلم فانتصر بمثل ما ظلم فليس عليه جناح. ومن ذلك قول الله- عز وجل- {وجزاؤ سيئة لسيئة مثلها} (٢) فانظر كيف سمى تعالى نفس الرد سيئة، والسيئة لا تكون لديه محبوبة، فقد دلت هذه الآيات الواضحة، والأحاديث المحتج ها مع كونها حسنة على أن الراد ليس عليه سبيل ولا جناح، وأن الرد في حقه رخصة له، قد أبيحت لا يأثم معها إلا إذا تجاوز في الانتصار، ولذا قال تعالى: {إنه ولا جب الظالمين} (٣) عقيب قوله تعالى: (وجزاؤ سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين & (٢) وأخرج ابن جرير (٤) عن السدي قال: والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون. قال: ينتصرون ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا. وفي بعض الآثار (٥) فإذا شتمك فاشتمه من غير أن تعتدي عليه، فتبين أن المحبوب إليه تعالى هو العفو. يد! ك على أن المحبوب ليس هو الرد ما أخرجه الإمام أحمد (٦) وأبو داود (٧) عن أبي هريرة أن رجلا شتم أبا بكر- رضي الله عنه - والنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جالس، فجعل النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعجا ويبتسم فلما كثر عليه رد عليه- رضي الله عنه - بعض


(١) [النساء: ١٤٨]
(٢) [الشورى: ٤٠]
(٣) [الشورى: ٤٠]
(٤) في "جامع البيان " (١٣/ ح٢٥/ ٣٧).
(٥) أخرجه ابن جرير في " جامع البيان " (١٣/ ج٢٥/ ١٤) عن السدي.
(٦) في المسند (٢/ ٤١٨) بسند جيد.
(٧) في السنن رقم (٤٨٩٧). وهو حديث حسن لغره.