(ومنها): ما أحرجه مسلم رقم (٣٢٥/ ١٩٣) من حديث أنس بن مالك قال: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعرة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعرة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة ". قال الحافظ الحكمي في " معارج القبول " (٢/ ٥٢٨ - ٥٢٩ بتحقيقى): ثم اعلم أن الأحاديث الدالة على أن الشهادتين سبب لدخول الجمة والنحاة من النار لا تناقض بيمها وبين أحاديث الوعيد التي فيها: من فعل ذنب كذا فالجنة عليه حرام، أو لا يدخل الجنة من فعل كذا، لإمكان الجمع بين النصوص بأنها جنان كثيرة كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبأن أهل الجنة أيضًا متفاوتون في دخول الجنة في السبق وارتفاع المنازل، فيكون فاعل هذا الذنب لا يدخل الجنة التي أعدت لمن لم يرتكبه، أو لا يدخلها في الوقت الذي يدخل فيه من لم يرتكب ذلك الذنب، وهذا واضح مفهوم للعارف بلغة العرب. وكذلك لا تناقض بين الأحاديث التي فيها تحريم أهل هاتين الشهادتين على النار، وبين الأحاديث التي فيها إخراجهم منها بعد أن صاروا حمما لإمكان الجمع بأن تحريم من يدخلها بذنبه من أهل التوحيد بأن تحريمه عليها يكون بعد خروجه منها برحمة الله ثم بشفاعة الشافعين، ثم يغتسلون في فر الحياة ويدخلون الجنة فحينئذ قد حرموا عليها فلا تمسهم بعد ذلك. أو أن يكون المراد أنهم يحرمون مطلقا على النار التي أعدت للكافرين التي لا يحرج منها من دخلها، وهى ما عدا الطبقة العليا من النار التي يدخلها بعض عصاة أهل التوحيد ممن شاء الله تعالى عقابه وتطهيره على قدر ذنبه، ثم يخرجون فلا يبقى فيها أحد من أهل التوحيد.