للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أوقاتها، ثم يستدل بسيره في كل ليلة من ليالي الشهر بأن تلك الليلة أول ليلة من الشهر، أو الثانية، أو الثالثة. وذلك يستلزم تقدير اليوم (١) تبعا لليلة فيقال هو اليوم الأول، أو الثاني، أو الثالث. وكذلك فيكون المراد بذكر الأشهر والأيام والليالي على هذا الوجه مجموع كل يوم واحد من الثلاثة، أي أن هذا الشهر جميعه وقت من أوقات السنة، لهما نسبة إلى جمع عدد أيامها، وليس المراد بذكر الشهر معرفة أجزائه، ولا بذكر اليوم والليلة معرفة أجزائهما. ويؤيد هذا أنه لو كان المراد معرفة أجزاء كل واحد من الشهر واليوم والليلة لم يكن لذكر الأيام والليالي بعد ذكر الشهر كثير معنى، لأنهما من أجزائه، وأجزاؤهما أيضًا من أجزائه لأن الجزء جزء، فكل جزء تقدره لهما هو جزء للشهر، وهذا فيه دفة فتأمله. وقد وافق الزمخشري (٢) على العبارة التي استشكلها السائل - عاداه الله- جماعة من المفسرين، منهم محمد بن (٣) جزئ الكلبي، وأبو السعود (٤). ويدل على أن المراد ما ذكرناه في تفسير عبارة الزمخشرى (٥) ما قاله الحافظ أبو البركات في تفسيره (٦)، فإنه قال: حساب الآجال والمواقيت المقدرة بالسنين والشهور انتهى، فهذا يدل على أن مراد الزمخشري (٧) بذكر الشهر واليوم والليلة أن كل واحد منها وقت، وأنص جزء لغيره، لا أن المراد أجزاء كل منهما حتى يرد ما أورده السائل من أن أجزاء اليوم والليلة لا يعرفان (٨). بمسير القمر. ويدل أيضًا على ما ذكرناه ما ذكره النيسابوري في


(١) يقطع القمر بحركته الخاصة في كل يوم بليلته ثلاث عشرة درجة وثلاث دقائق وثلاثا وخمسين ثانية وستا وخمسين ثالثة. " روح المعاني " (١١/ ٧١).
(٢) في الكشاف (٣/ ١١٥).
(٣) في تفسيره " التسهيل لعلوم التنزيل " (٢/ ٨٩).
(٤) في تفسيره "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم " (٢/ ٦٢٩).
(٥) في الكشاف (٣/ ١١٥).
(٦) في تفسيره " مدارك التنزيل وحقائق التأويل (٢/ ٧).
(٧) في الكشاف (٣/ ١١٥).
(٨) انظر كلام الرازي في تفسيره (١٧/ ٣٥) وقد تقدم.