الله والآخر مخطئ عنده. أما أنه يعني بالاجتهاد فلا، إذ الاجتهاد في المصيب يعمه الخلاف فيكون أيضا مصيبا أو مخطئا لكن خلاف أئمة أهل السنة في العقليات إن لم تلزمهم لوازم استحالية فلا ضرر عليهم وعلى متبعهم، وكذا بعض مسائل تنسب للمعتزلة، ولا لوازم فاسدة لها، ولذلك ترى أئمة الحق لا يتحاشون عن اتباعهم وموافقتهم في أمثال ذلك، كما سبق في نفي الأحول، فإن أول من ذكرها الجبائي، وأبو هاشم.
ورابعها: بتقدير أن المرجح كما طلبتم أنا أو مثلي بظنكم الجميل فإنه يرجح وترجيحه معقول ويعين، وتعيينه عليه التعويل، ويكون مصيبا قطعا تسليما جدليا لو تعرض لما طلبتم لاحتاج إلى مجلدات لا تسعه؛ لكثرة مسائل الخلاف وانتشارها، فلا بد من التعرض لكل مسألة، وتعيين من يتبع ومن يترك.
هذا إذًا يقال يكاد يشبه المحال، وظني أنكم ظننتم أن للحق ضابطا يعرف به، أعيّنه لكم، فتضبطون به تعيين المحق، وهذا غير صحيح؛ إذ لو كان له ضابط لعلمه أهل الخلاف الأول، فما كانوا يختلفون أصلا، بل كانوا يكونون عارفين بالحق؛ لمعرفة ضابطه، وهذا كالمستحيل لتوالي الأعصار والأمصار على الخلاف في العقليات وغيرها، وقد كانت الصحابة يخطّئ بعضهم بعضا، والسلف من بعدهم كذلك، فأزل التعب من نفسك، واعرف قدر ما وصل مني إليك، والله أعلم.