للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما ما طلبتم مني من تعيين المصيب من المخطئ في أئمة أهل السنة فهيهات هيهات الدخول بين أنياب الحيات لوجوه:

أحدها: إني لست من أهل الاجتهاد حتى أخوض تلك الفيافي والوهاد.

وثانيها: بتقدير اقتحامي وعظيم اجترامي، أو بتقدير أني في مراتبهم العالية، وأن غياهبي كأنوارهم الزاكية، أكون كواحد منهم واجتهادي كاجتهادهم، فما هو أولى بالصواب منهم؛ إذ اجتهادي وحكمي أن المصيب الأشعري مثلا دون الرازي (١) لا يحتم بطلان قول الرازي؛ إذ غاية أمري أني على موافقة الأشعري، وتعدد القائلين للقول لا يوجب تخطئة مخالفهم.

وثالثها: إن اجتهادي إن وقع، يكون داخلا في قولهم المصيب، واحد في العقليات، وليس معنى قولهم: إن المصيب واحد إن له دليلا يعين به، قصرت عقولكم عنه. وعند العلماء ضابط يعلم به المحق من المبطل، بل قصدهم إن المختلفين في العقليات لا يكونان معا على صواب، والمصيب معين عند


(١) الرازي الفخر محمد بن عمر (٥٤٤ - ٦٠٦ هـ = ١١٥٠ - ١٢١٠ م): إمام مفسر، واحد زمانه في المنقول والمعقول وعلوم الأوائل. من تصانيفه: " مفاتيح الغيب "، " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين "، " المسائل الخمسون في أصول الكلام "، " المحصول في الأصول " ... انظر السبكي، طبقات الشافعية ج٥/ ٣٣. ابن حجر لعسقلاني، لسان الميزان ج٤/ ٤٢٦

<<  <   >  >>