وبعده كان، والعلم واحد، مثلا لو أخبرنا صادق بقدوم زيد كرسول مثلا، وعلمنا ذلك وفرضنا بقاء ذلك العلم، يعني لكون علمنا عرضا لا يبقى، لكن بغرض بقائه؛ ليطابق المثال الممثل به، ثم قدوم زيد لم يزدنا مشاهدة قدومه على ما علمنا شيئا، فدل ذلك على أنه ليس للعلم إلا تعلق واحد تنجيزي قديم وما يوجد في حقنا من زيادة العلم بما كان على العلم بما سيكون إنما هو لنقض علمنا. بخلاف علمه، وعلم الصادق، والعلم من الصادق.
قال الأشعري: ولا يصح أن يكون العلم يتعلق تعلقا صلاحيا، فإن الصالح لأن يعلم ليس بصالح، انتهى كلامه.
ومحل محط السؤال منه هذا الأخير، وإنما ذكرته برمته؛ لما احتوى عليه من الأبحاث الرائقة فأنت تراه جعل الصلاحية للعلم توجب رفعه بقوله؛ لأن الصالح لأن يعلم ليس بعالم، وعلى قياسه يأتي ما ذكره السائل: بأن الصالح لأن يريد ليس بمريد، لكنه مشكل عقلا، فإن الصلاحية لا تقتضي رفع الصفة كما في القدرة، فكيف التقصي عن هذا المضيق؟
فالجواب بفضل الملك الوهاب: أن العلم ليس له حصول إلا حصول الانكشاف، فإن لم يحصل الانكشاف؛ فلا علم كما في الشاهد، فإن من لم يحصل له الانكشاف، هنا لمسألة من مسائل الفقه ونحوه لا يسمى عالما بخلاف الإرادة والقدرة، فإن حقيقتهما صفة يتأتى بها كذا. والتأتي حاصل في الأزل؛ فافترق العلم بهذا من غيره.