للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكعلمه بعلم زيد، وشر عمرو، وظن خالد، وجهل بكر لا يكون اعتقادا لمعتقداتهم حتى يوصف بمتعلقات صفاتهم.

والسر في ذلك أن الإرادة القديمة لا تتعلق بوجه واحد، وهو المتجدد من حيث إنه حادث متجدد مختص بالوجود دون العدم، ووقت دون وقت، والإرادتان يشتركان في التجدد فينسبان إليه من جهة التجدد والتخصيص، وهما من هذا الوجه ليسا ضدين، ولم تتعلق الإرادة بضدين.

ولو قيل: تتعلق الإرادتين جميعا من حيث الوقوع والتجدد، وبأحد المرادين وهو الواقع منهما في المعلوم، وتتعلق بعدم وقوع الآخر فهي إرادة لوقوع أحدهما، وكراهة لوقوع الآخر كان ذلك أيضا صوابا، قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (١)، أي: يريد خلاف العسر، كما قال: {أتنبئون الله بما لا يعلم} (٢)، أي: يعلم خلافه حتى لا يكون النفي داخلا في الإطلاق انتفى، أي: إن العلم مطلق التعلق، فلو لم يؤوّل الآية لانتفى العلم عن بعض، فأوّل بما ذكر؛ ليحصل به التعلق ولا يخرج عنه أمر.

وقال بعد هذا في الرد على من زعم الأمر والإرادة: قالت الأشعرية: لسنا نسلم أن كل أمر بشيء مريد له حصولا، بل كل أمر بالشيء عالم بحصوله، مريد له حصولا، أمر يعلم حصول ضده لا يكون مريدا لحصوله، فإن الإرادة


(١) البقرة الآية: ١٨٥
(٢) يونس الآية: ١٨

<<  <   >  >>