وقد بينا: إن أخص وصفها التخصيص، وحكمها أن تتعلق بالمتجدد من المقدورات والمتخصص من المرادات.
فإذا علم الأمر أن المأمور لا يحصل ولا يتجدد ولا يتخصص يستحيل أن يرده، فإنها حينئذ توجد ولا متعلقا لها، وتتعلق ولا أثر لتعلقها، ولو أن الإرادة من خاصيتها أنها تتعلق بالممكن فقط كالقدرة؛ لكان جائز أن تتعلق بخلاف المعلوم.
ومن العجب أن متعلق القدرة أعم من متعلق الإرادة، فإن الممكن الجائز من حيث هو ممكن متعلق القدرة، والمتجدد من جملة الممكنات هو متعلق الإرادة. والمتجدد أخص من الممكن.
وقد قال بعض المخالفين: إن خلاف المعلوم غير مقدور، والقدرة أعم فإذا لم يتعلق الأعم بخلاف المعلوم كيف يتعلق الأخص الذي هو الإرادة؟ اهـ.
وقد اشتهر وذاع وكثر دورانه على الألسنة من عقائد السنوسي وغيره: أن إيمان أبي لهب (١) غير مراد؛ إذ لو أراده وهو لم يقع لكان مغلوبا.
(١) أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب (ت ٢ هـ = ٦٢٤ م): عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن أشد الناس عداوة للمسلمين في الإسلام. وفيه الآيات: {تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب} انظر الذهبي، تاريخ الإسلام ج١/ ٨٤ - ١٦٩. السهيلي، الروض الأنف ج١/ ٦٢٥، ثم ج٢/ ٧٨ - ٧٩ ...