للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استشكل بعضهم هذا الحديث بأن الذباب ينقل الجراثيم وخصوصًا جراثيم حُمَّى التِيفُوئِيدْ فكيف نغمسه في الطعام أو الشراب ثم نطرحه بَدَلاً من أن نطرح الشراب الذي وقع فيه الذباب؟.

وقد أجيب عن ذلك بأجوبة نظرية وتطبيقية.

فمن الأجوبة النظرية: ما قاله طبيب إحدى الجامعات: «لَوْ لَمْ يَكُنْ الذُّبَابُ مُحَصَّنًا بِمُضَادَّاتِ تِلْكَ الجَرَاثِيمِ لَمَاتَتْ الذُّبَابَةُ بِعُلُوقِ الجَرَاثِيمِ بِهَا وَلَمَا بَقِيَ ذُبَابٌ فِي العَالَمِ».

ومن الأجوبة التطبيقية ما لاحظه الأقدمون بالتجربة أَنَّ دَلْكَ مَوْضِعَ لَدْغِ الزُّنْبُورِ أَوِ العَقْرَبِ بِالذُّبَابِ يَنْفَعُ مِنْهُ نَفْعًا بَيِّنًا.

ومن التطبيقات الحديثة: ما لوحظ على جرحى الحرب العالمية من الجنود أن جراحهم أسرع شفاء وَالْتِئَامًا من الضباط الذين يعنى بهم مزيد عناية في المستشفيات لأن الجنود يتداوون في الميدان فيتعرضون لوقوع الذباب على جراحاتهم ...

ومنذ سَنَةِ ١٩٢٢ نشر الدكتور ديريل بعد دِرَاسَةٍ مُسْبَقَةٍ لأسباب جائحات الهيضية (كُولِيرَا) في الهند وجود كائنات دقيقة تغزو الجراثيم وتلتهمها وتدعى مُلْتَهِمَاتِ الجَرَاثِيمِ (بَكْتِرْيُوفَاجْ) وأثبت ديريل أن البَكْتِرْيُوفَاجْ هو العامل الأساسي في إطفاء جوائح (الكُولِيرَا) وأنه يوجد في بُرَازِ الناقهين من المرض المذكور وأن الذباب ينقله من البُرَازِ إلى آبار ماء الشرب فيشربه الأهلون وتبدأ جذوة جائحة الهيضة بالانطفاء.

وقد تمكن الأستاذ ديريل من تكثير مُلْتَهِمَ الجَرَاثِيمِ وتنميته والاستفادة منه في المعالجة كما أنه تأكد من تأثيره في الجَرَاثِيمِ بإضافته إلى مزروعها وملاحظة إذابته لها تَمَامًا ثم اكتشف منذ ذلك الحين حتى الآن عدد كبير من مُلْتَهِمَاتِ الجَرَاثِيمِ كُلٌّ مِنْهَا يَلْتَهِمُ نَوْعًا مُعَيَّنًا أَوْ عِدَّةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الجَرَاثِيمِ.

<<  <   >  >>