للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما تأكد عام ١٩٢٨ حين أطعم ذباب البيوت زروع جراثيم مُمْرِضَةٍ فاختفى أثرها بعد حين وماتت كلها من جراء وجود مُلْتَهِمَ الجَرَاثِيمِ شأن الذباب الكبير في مكافحة الأمراض الجرثومية التي قد ينقلها هو بنفسه وعرف أنه إذا هُيِّءَ خلاصة من الذباب في فصل فيزيولوجي فإن الخلاصة تحتوي على ملتهمات أربعة أنواع على الأقل مِنَ الجَرَاثِيمِ المُمْرِضَةِ.

والغمس في الحديث ليس غَمْسًا للجناحين فقط وانما [هُوَ] غَمْسٌ لجسم الذبابة مع جناحيها فيدخل مُلْتَهِمُ الجَرَاثِيمِ إلى الشراب من جراء غَمْسِ جسمها هذا فَضْلاً عن أن الذبابة تمسح دَائِمًا أجنحتها بأرجلها ولذلك تكون الأجنحة مَقَرًّا لِلْمُلْتَهِمَاتِ وَلِلْجَرَاثِيمِ أكثر من غيرها من أعضاء الذبابة.

ثَالِثًا ـ تَطْبِيقُ المُحَدِّثِينَ لِنَهْجِهِمْ النَّقْدِيِّ:

وأما الادعاء والزعم بأن المُحَدِّثِينَ لَمْ يُطَبِّقُوا قواعدهم في النقد، فقد وجدت هذه الفكرة مَنْ يُرَدِّدُهَا من بعض المعاصرين في كتاب أصدره أَخِيرًا، حاز به فيما يبدو على درجة جامعية عُلْيَا، وقد صدر كتابه هذا بمحاولة للدفاع عن السُنَّةِ ولا أقول إنه دافع عَنْ السُنَّةِ، ثم بعد ذلك راح يزعم أن المُحَدِّثِينَ لم يطبقوا قواعد منهجهم بدقة في فصل طويل، أَيَّدَ فيه رأيه وَادَّعَى مَا ادَّعَاُه مِنْ قَبْلُ جولدتسهير؟.

وهذا الزعم من أكبر الأدلة على تهافت منهج هؤلاء الناقدين المتعالين المغرورين، لأنه يشير إلى أَنَّ المُحَدِّثِينَ لو طبقوا قواعدهم، لكان نقدهم سليما، وقد كانوا يزعمون قَبْلُ أَنَّ نَهْجَهُمْ قاصر عن التمعن في قالتهم هذه يكشف حقيقتهم وَتَقَوُّلَهُمْ بغير علم، بل بمجرد التسرع، والمجازفة في الحكم، حتى لقد أصاب والله هؤلاء الناقدين من أنفسهم المقاتل بطعنهم المفتعل على المُحَدِّثِينَ ومنهجهم العلمي:

<<  <   >  >>