للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الحديث الذي يقول فيه: «نَضَّرَ اللهُ امْرُءًا سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فََبَلِّغَهُ كَماَ سَمِعَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» (١).

فقام الصحابة بحمل الأمانة وتبليغ الرسالة، ونقل الحديث النبوي إلى العالم، لأنهم حين خرجوا وانتشروا في الأرض لم ينتشروا غُزاة بعقلية الفاتحين بل كانوا يَهْدُونَ العالم وينقذونه من الظلمات إلى النور، ومن الضلال والضياع إلى الطريق المستقيم طريق السعادة والكرامة والفوز في الدنيا وفي الآخرة وذلك كما سجله التاريخ لهم من أفعالهم وأحوالهم، وكما نطقت به هذه الكلمة المُدَوِّيَةُ الخَالِدَةُ التي كتبها الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز لعامله يقول له: «إَّنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا هَادِيًا وَلَمْ يَبْعَثْهُ جَابِيًا».

وكما قال من قبله أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب لواليه على مصر: «مَتَى اسْتَعْبَدْتُمُ النَّاسَ وَقَدْ وَلَدَتْهُمْ أُمَّهَاتُهُمْ أَحْرِارًا».

تَحَدِّي الفَرَاغَ العِلْمِيَّ فِي الرِّوَايَةِ:

واجه الصحابة هذه القضية التي تمس جوهر الإسلام قضية نقل السُنَّة النَّبَوِيَّة وحفظها وكان الجَوُّ كما ذكرنا خالياً وفارغاً جداً ليس فيه أي أثر من قاعدة أوقانون لدى أي أُمَّةٍ من الأمم يفيد في نقل تراث أو ما يتعلق بالرواية أياً كانت الرواية ليمكن أنْ يعتبر سابقة يُحْتَذَى أَوْ قُدْوَةً يُؤْتَسَى بها، بل كان هناك واقع مظلم عند الأمم الأخرى، فقد فرطت في كتبها المقدسة التي يرتبط بها وجودها الحقيقي في الواقع، وتلفقت أقاويل وأقاصيص وحكايات خرافية


(١) أخرجه أبوداود في العلم (باب فضل نشر العلم): ج ٣ ص ٣٢٢ والترمذي: ج ٥ ص ٣٣ - ٣٤ بلفظه وقال: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»، وابن ماجة: ص ٨٤.

<<  <   >  >>